للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجيشَ، فلما قضَيتُ شأنى أقبَلتُ إلى الرحلِ، فلمَستُ صدري، فإذا عقدٌ لى من جَزْعِ ظَفَارِ (١) قد انقطَع، فرجَعتُ فالتَمستُ عِقدى، فحبَسنى ابتغاؤُه، وأقبَل الرهطُ الذين كانوا [يُردَّلون لي، فاحتمَلوا] (٢) هَوْدَجِى، فَرَحْلوه (٣) على بعيرى الذي كنتُ أركبُ، وهم يحسَبون أنى فيه، وكان النساءُ إذ ذاك خِفافًا، لم يُهَبَّلْن (٤) ولم يَغْشَهن اللحمُ، إنما يأكُلْن العُلْقةَ (٥) من الطعامِ، فلم يستنكرش القومُ ثِقلَ الهودجِ حينَ رَحْلُوه ورفَعوه، وكنتُ جاريةً حديثةَ السنِّ، فبعَثوا الجملَ وساروا، فوجَدتُ عِقْدى بعدَ ما استمرَّ الجيشُ، فجئتُ منازلَهم وليس بها داعٍ ولا مجيبٌ، فيمَّمتُ (٦) منزِلى الذي كنتُ فيه، وظنَنتُ أن القومَ سيفقِدوني ويرجِعون إليَّ، فبينا أنا جالسةٌ في منزلى، غلَبَتْنى عينى (٧)، فنِمتُ حتى أصبَحتُ، وكان صفوانُ بنُ المعطَّلِ السُّلَميُّ ثم الذَّكْوانيُّ (٨)، من وراءِ الجيشِ، فادَّلج (٩) فأصبَح عندَ منزِلى، فرأَى سوادَ إنسانٍ نائمٍ، فأتاني فعرَفنى حينَ رآني، وكان يراني قبلَ أن يُضربَ الحجابُ عَلَيَّ (١٠)، فاستيقَظتُ باسترجاعِه حينَ


(١) الجزع: ضرب من الخرز، وقيل: هو الخرز اليماني، وهو الذي فيه بياض وسواد، وظفار: مدينة باليمن، ينظر اللسان (ج ز ع)، والتاج (ظ ف ر)، وينظر فتح البارى ٨/ ٤٥٩.
(٢) في ت ٢: "يحملون".
(٣) في ت ١، ف: "فترحلوه".
(٤) في م: "يهبلهن"، ويقال: هبله اللحم إذا كثر عليه وركب بعضه بعضا. النهاية ٥/ ٢٤٠.
(٥) العلقة: البلغة من الطعام. النهاية ٣/ ٢٨٩.
(٦) في ص، م، ت ١، ف: "فتيممت".
(٧) في ت ٢: "عيناي".
(٨) بعده في م: "قد عرس".
(٩) الادَّلاج: السير من آخر الليل. النهاية ٢/ ١٢٩.
(١٠) سقط من: ص، ت ١، ت ٢.