للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضرَبه اللهُ لنورِه.

حدَّثني يعقوبُ، قال: ثنا هشيمٌ، قال: أخبَرنا عوفٌ، عن الحسنِ في قولِه: ﴿لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ﴾. قال: هذا مثلٌ ضرَبه اللهُ، ولو كانت هذه الشجرةُ في الدنيا، لكانت إما شرقيةً وإما غربيةً.

[وأولى هذه الأقوالِ بتأويلِ ذلك قولُ من قال: إنها شرقيةٌ غربيةٌ] (١). وقال: معنى الكلامِ: ليست شرقيةً تَطْلُعُ عليها الشمسُ العشيَّ (٢) دونَ الغَداةِ، ولكنَّ الشمسَ تُشْرقُ عليها وتَغْرُبُ، فهي شرقيةٌ غربيةٌ.

وإنما قلْنا: ذلك أولى بمعنى الكلامِ؛ لأن الله إنما وصَف الزيتَ الذي يُوقَدُ على هذا المصباحِ بالصفاءِ والجودةِ، فإذا كان شجرُه شرقيًّا غربيًّا، كان زيتُه لا شكَّ أجودَ وأصْفَى وأَضْوَأَ.

وقولُه: ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: يكادُ زيتُ هذه الزيتونةِ يُضِيءُ من صفائِه وحسنِ ضيائِه، ﴿وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾. يقولُ: فكيف إذا مسَّته النارُ!

وإنما أُريد بقولِه: ﴿يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾. أن هذا القرآنَ مِن عندِ اللهِ، وأنه كلامُه، فجُعِل مَثَلُه ومثلُ كونِه مِن عندِه، مثلَ المصباحِ الذي يُوقَدُ مِن الشجرةِ المباركةِ التي وصفَها جلَّ ثناؤُه في هذه الآيةِ.

وعُنِى بقولِه: ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ﴾. أن حُجَجَ اللهِ تعالى ذكرُه على خلقِه تكادُ من بيانِها ووضوحِها تُضِيءُ لمن فكَّر فيها ونظَر، أو أعْرَض عنها ولَهَا، ﴿وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾. يقولُ: ولو لم يَزِدْها اللهُ بيانا ووضوحًا بإنزالِه هذا القرآنَ


(١) سقط من: ت ٢.
(٢) في م: "بالعشى".