للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليهم، مُنَبِّهًا لهم على توحيدِه، فكيف إذا نبَّههم به، وذكَّرهم بآياتِه، فزادهم به حجةً إلى حُججِه عليهم قبلَ ذلك! فذلك بيانٌ مِن اللهِ ونورٌ على البيانِ والنورِ الذي كان قد وصَفه (١) لهم ونصَبه قبلَ نزولِه.

وقولُه: ﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾. يعنى النارَ على هذا الزيتِ الذي يكادُ يُضِيءُ ولو لم تَمْسَسْه النارُ.

كما حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾. قال: النارُ على الزيتِ (٢).

قال أبو جعفرٍ: وهو عندى - كما ذكَرْتُ - مَثَلُ القرآنِ. ويعنى بقولِه: ﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾: هذا القرآنُ نورٌ مِن عندِ اللهِ، أَنْزَله إلى خلقه يَسْتَضِيئون به. ﴿عَلَى نُورٍ﴾: على الحججِ والبيانِ الذي قد نصَبَه لهم قبل مجيءِ القرآنِ وإنزالِه إياه، مما يَدُلُّ على حقيقةِ وحدانيتِه، فذلك بيانٌ مِن اللهِ ونورٌ على البيانِ والنورِ الذي كان وصَفه (١) لهم ونصَبَه قبلَ نزولِه.

وذُكر عن زيدٍ بنُ أسلمَ في ذلك ما حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: أخبَرنى عبدُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ (٣)، قال: قال زيدُ بنُ أَسْلَمَ في قولِه: ﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾: يُضِيءُ بعضُه بعضًا، يعني: القرآنُ (٤).

وقولُه: ﴿يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: يُوَفِّقُ اللهُ لاتِّباعِ


(١) في م: "وضعه".
(٢) تفسير مجاهد ص ٤٩٣، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٦٠٣.
(٣) في ت ١، ت ٢: "عباس".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٥٩٤ عن يونس به.