للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إسحاقَ، قال: حدَّثنى محمدُ بنُ أبي محمدٍ -فيما يرَى أبو جعفرٍ- عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ، أو عكرمةَ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ﴾ الآية. أي: ادْعُوا بالموتِ على أىِّ الفريقين أكذبُ، فأبَوا (١) ذلك على رسولِ اللهِ . يقولُ اللهُ لنبيِّه محمدٍ : ﴿وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ أي: لعلمِهم بما عندَهم مِن العلمِ بك والكفرِ بذلك (٢).

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ، قال: ثنا بشرُ بنُ عُمارةَ، عن أبي رَوْقٍ، عن الضَّحاكِ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا﴾ يقولُ: يا محمدُ، ولن يتَمنَّوه أبدًا؛ لأنهم يَعْلَمون أنهم كاذبون، ولو كانوا صادقين لتَمنَّوه، ورَغِبوا في التعجيلِ إلى كَرامتى، فليس يتَمنَّونه أبدًا بما قدَّمت أيديهم (٣).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: حدَّثنى حجاجٌ، عن ابنِ جُرَيجٍ قوله: ﴿فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾: وكانت اليهودُ أشدَّ الناسِ (٤) فرارًا مِن الموتِ، ولم يكونوا ليتَمنَّوه أبدًا.

وأما قولُه: ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾. فإنه يَعْنى به: بما أسْلَفَتْه أيديهم. وإنما ذلك مَثَلٌ، على نحوِ ما تتَمَثَّلُ به العربُ في كلامِها، فتقولُ للرجلِ يُؤْخَذُ بجَرِيرةٍ جرَّها، أو جنايةٍ جَناها فيعاقبُ عليها: نالك هذا بما جَنَتْ يداك، وبما كَسبت يداك، وبما قَدَّمت يداك. فتُضِيفُ ذلك إلى اليدِ، ولعلَّ الجنايةَ التى جَناها فاستحقَّ عليها العقوبةَ كانت باللسانِ أو بالفَرْجِ أو بغيرِ ذلك مِن أعضاءِ جسدِه سِوَى


(١) في م: "قالوا".
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ٥٤٢، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ١٧٧ (٩٣٧، ٩٤٠) من طريق سلمة به.
(٣) تقدم أول هذا الأثر في ص ٢٧١.
(٤) سقط من: م، ت ١، ت ٣.