للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصحابَ الأخدودِ، فإن يكونوا هم المَعْنِيِّين بقولِه: ﴿وَأَصْحَابَ الرَّسِّ﴾. فإنا سنَذْكُرُ خبرَهم إن شاء اللَّهُ إِذا انْتَهَيْنا إلى سورة "البُروجِ"، وإن يكونوا غيرَهم، فلا نَعْرِفُ لهم خبرًا، إلا ما جاء مِن جملةِ الخبرِ عنهم أنَّهم قومٌ رَسُّوا نبيِّهم في حفرةٍ، إلا ما حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن محمدِ بن كعبٍ القُرَظيِّ قال: قال رسولُ اللهِ : "إِن أَوَّلَ الناسِ يَدْخُلُ الجنةَ يومَ القيامةِ العبدُ الأسودُ، وذلك أن الله بَعث نبيًّا إلى أهلِ قريتِه (١)، فلم يُؤْمِنُ به مِن أهلِها أحدٌ إلا ذلك الأسودُ، ثم إن أهلَ القرية عدَوْا على النبيِّ ، فحفَروا له بئرًا، فأَلْقَوْه فيها، ثم أطْبَقوا عليه بحجرٍ ضخمٍ". قال: "وكان ذلك العبدُ يَذْهَبُ فيَحْتَطِبُ على ظهرِه، ثم يَأْتى بحطَبِه فيَبِيُعه، فيَشْتَرِى به طعامًا وشرابًا، ثم يأتى به إلى ذلك البئرِ، فيَرْفَعُ تلك الصخرةَ، فيُعِينُه اللهُ عليها، فيُدْلِى إليه طعامَه وشرابَه، ثم يُعِيدُها كما كانت". قال: "فكان كذلك ما شاء اللهُ أن يكونَ، ثم إنه ذهَب يومًا يَحْتَطِبُ كما كان يَصْنَعُ، فجمَع حطبَه، وحزَم حُزْمتَه، وفرَغ منها، فلما أراد أن يَحْتَمِلَها وجَد سِنَةً، فاضْطَجَع فنام، فضرَب اللَّهُ على أُذُنِه سبعَ سنينَ نائمًا، ثم إنه هبَّ (٢) فتمَطَّى، فتحَوَّل لشقِّه الآخرِ، فاضْطَجَع، فضرَب اللَّهُ على أذنِه سبعَ سنينَ أُخرى، ثم إنه هبَّ (٢) فاحْتَمل حُزْمتَه، ولا يَحْسَبُ إلا أنه نام ساعةً مِن نهارٍ، فجاء إلى القريةِ، فباع حُزْمتَه، ثم اشْتَرَى طعامًا وشرابًا كما كان يَصْنَعُ، ثم ذهَب إلى الحفرةِ في موضعِها الذي (٣) كانت فيه، فالْتَمَسَه فلم يَجِده، وقد كان بدا لقومِه فيه بَدَاءٌ، فَاسْتَخْرجوه وآمنوا به وصدقوه". قال: "فكان النبيُّ يَسْأَلُهم عن


(١) في م: "قرية".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، ف: "ذهب".
(٣) في م: "التي".