للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بناتِ مساجدِ اللَّهِ. يعنى الحَصَى.

وكان بعضُ نحويِّى الكوفةِ يقولُ (١): هذا بمنزلةِ قولِ الشاعرِ (٢):

ترى أرباقَهم (٣) متقلِّديها … إذا صدِئَ الحديدُ على الكُماةِ

فمعناه عندَه: فظلَّت أعناقُهم خاضعيها. هم. كما يقالُ: يدُك باسطُها. بمعنى: يدُك باسطُها أنت. فاكْتُفِى بما ابتُدِئ به من الاسمِ أن يكونَ، فصار الفعلُ كأنه للأولِ، وهو للثاني، وكذلك قولُه:

* لمحقوقةٌ أن تستجيبى لصوتِه *

إنما هو: لمحقوقةٌ [أن تستجيبى لصوتِه] (٤) أنتِ. والمحقوقةُ الناقةُ، إلا أنه عطَفه على المرءِ لما عاد بالذِّكْرِ.

وكان آخرُ منهم يقولُ (٥): الأعناقُ الطوائفُ، كما يُقالُ: رأيتُ الناسَ إلى فلانٍ عُنقًا واحدةٌ. فيجعَلُ الأعناقَ الطوائفَ والعُصَبَ. ويقولُ: يحتمِلُ أيضًا أن تكونَ الأعناقُ هم السادةَ والرجالَ الكبراءَ، فيكون كأنه قيل: فظلَّت رءوسُ القومِ وكبراؤُهم لها خاضعين. وقال: أحبُّ إليَّ من هذين الوجهين في العربيةِ أن يقالَ: إن الأعناقَ إذا خضَعت، فأربابُها خاضعون، فجعلتَ الفعلَ أولًا للأعناقِ، ثم جعَلتَ "خاضعين" للرجالِ، كما قال الشاعرُ:


(١) هو الكسائي كما في معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٧٧.
(٢) هو الفرزدق، والبيت تقدم في ١/ ١٧٩.
(٣) في م، ت ١، ف: "أرماحهم".
(٤) سقط من: م.
(٥) هو الفراء في معاني القرآن ٢/ ٢٧٧.