للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرَنا مَعْمَرٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ﴾ قال: قالت اليهودُ: إن جبريلَ هو عدوُّنا؛ لأنه يَنْزِلُ بالشِّدَّةِ والحربِ والسِّنَةِ، وإن ميكائيلَ يَنْزِلُ بالرخاءِ والعافيةِ والخِصْبِ، فجبريلُ عدوُّنا. فقال اللهُ تعالى ذكرُه: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ﴾ (١).

وحدَّثنى موسى، قال: ثنا عمرُو بنُ حمَّادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّىِّ: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾. قال: كان لعمرَ بنِ الخطابِ أرضٌ بأعلَى المدينةِ، فكان يأتيها، وكان مَمَرُّه على طريقِ مِدْراسِ اليهودِ، وكان كُلَّما [مرَّ عليهم] (٢) دخَل عليهم فيسمَعُ (٣) منهم، وإنه دخَل عليهم ذاتَ يومٍ، فقالوا: يا عمرُ، ما في أصحابِ محمدٍ أحدٌ أحبَّ إلينا منك، إنهم يَمُرُّون بنا فيُؤْذُوننا، وَتمُرُّ بنا فلا تُؤْذِينا، وإِنَّا لنَطْمَعُ فيك. قال لهم عمرُ: أيُّ يمينٍ فيكم أعظمُ؟ قالوا: الرحمنُ الذى أنزَل التوراةَ على موسى بطُورِ سَيْنَاءَ. قال لهم عمرُ: فأَنْشُدُكم بالرحمنِ الذى أنْزَل التوراةَ على موسى بطُورِ سَينَاءَ، أتجِدُون محمدًا عندَكم. فأُسْكِتوا، فقال: تَكَلَّموا، ما شأنُكم؟ فواللهِ ماسألتُكم وأنا شاكٌّ في شيءٍ مِن دينى. فنظَر بعضُهم إلى بعضٍ، فقام رجلٌ منهم فقال: أخْبِروا الرجلَ، لَتُخْبِرُنَّه أو لأُخْبِرَنَّه. قالوا: نعم، إنَّا لَنجِدُه مكتوبًا عندَنا، ولكنَّ صاحبَه مِن الملائِكةِ الذى يأتيه بالوحىِ هو جبريلُ، وجبريلُ عدوُّنا، وهو صاحبُ كلِّ عذابٍ أو قِتالٍ أو خَسْفٍ، ولو أنه كان وليُّه ميكائيلَ إذن لآمنَّا به، فإن ميكائيلَ صاحبُ كلِّ رحمةٍ وكلِّ غَيْثٍ. قال لهم عمرُ: فأَنْشُدُكم بالرحمنِ الذى أنْزلَ


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٥٢، ٥٣.
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) في م: "سمع"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "فسمع".