للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُدِّثْتُ عن الحسينِ، قال: سمعت أبا معاذٍ يقولُ: أخبرنا عبيد، قال: سمعتُ الضحاك يقولُ في قوله: ﴿اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ﴾ له فمضَى الهدهدُ بالكتاب حتى إذا حاذَى الملكةَ وهى على عرشها، ألقى إليها الكتاب (١).

وقوله: ﴿قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩)﴾ والملاُ: أشراف قومها. يقول تعالى ذكرُه: قالت ملكة سبأ لأشراف قومها: ﴿يَاأَيُّهَا الْمَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩)﴾.

واختلف أهل العلم في سبب وصفها الكتاب بالكريم؛ فقال بعضُهم: وصفته بذلك لأنَّه كان مختومًا.

وقال آخرون: وصَفتْه بذلك لأنَّه كان من ملك، فوصفته بالكرم صاحبه. وممن قال ذلك ابن زيدٍ.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ﴾. قال: هو كتاب سليمانَ حيثُ كتب إليها.

وقوله: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠)﴾ كُسرت "إن" الأولى والثانية على الردِّ على ﴿إِنِّي﴾ من قوله: ﴿إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ﴾. ومعنى الكلامِ: قالت: يأيُّها الملأُ، إنى أُلقِي إليَّ [من سليمانَ، وإنه] (٢).

وقوله: ﴿أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١)﴾. يقولُ: أُلْقى إليَّ كتابٌ كريمٌ: أَلَّا تعلوا عليّ.

ففى "أنْ" وجهانِ من العربية؛ إن جُعِلت بدلًا من "الكتابِ"، كانت رفعا بما


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٨٧٠ من طريق أبي معاذ به.
(٢) في م: "كتاب وإنه من سليمان".