للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سُلَيْمَانَ﴾؟

قيل: هذا نظير ما قد بيَّنا قبل (١) من إظهار العرب الخبرَ في أمرٍ كان من واحدٍ، على وجه الخبر عن جماعةٍ، إذا لم يَقْصِد قَصْدَ الخبر عن شخص واحدٍ بعينه، مشارٍ إليه بعينه، فسُمِّي في الخبر. وقد قيل: إن الرسول الذي وجهته ملكة سبأ إلى سليمان، كان [امرأةً واحدةً] (٢)، فلذلك قال: ﴿فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ﴾. يُرادُ به: فلما جاء الرسول سليمانَ. واستدلَّ قائلو ذلك على صحة ما قالوا من ذلك بقول سليمانَ للرسول: ﴿ارْجِعْ إِلَيْهِمْ﴾. وقد ذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله: (فلما جاءوا سليمانَ) على الجمع (٣)، وذلك للفظ قوله: ﴿بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾. فصلح الجمعُ للفظ والتوحيد للمعنى.

وقوله: ﴿قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ﴾. يقولُ: قال سليمان لما جاء الرسولُ مِن قِبَلِ المرأة بهداياها: أتمدُّونني بمالٍ؟

واختلفت القرأة في قراءةِ ذلك؛ فقرأه بعضُ قرأةِ أهل المدينة: (أتُمِدونَنِي) بنونين وإثباتِ الياء. وقرأه بعضُ الكوفيِّين مثل ذلك، غير أنه حذف الياءَ من آخِرِ ذلك، وكسر النونَ الأخيرةَ. وقرأه بعضُ قرأةِ البصرة بنونين وإثباتِ الياء في الوصلِ وحَذْفِها في الوقفِ. وقرأه بعضُ قرَأةِ الكوفة بتشديد النونِ وإثباتِ الياء (٤).


(١) ينظر ما تقدم في ١/ ٣٣٢ - ٣٣٥.
(٢) في م: "أمرًا واحدًا". وينظر معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٩٣.
(٣) معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٩٣، والبحر المحيط ٧/ ٧٤.
(٤) قرأ ابن كثير بنونين وإثبات الياء، وقرأ بحذف الياء مع إثبات النونين ابن عامر وعاصم والكسائي، وأثبت الياء في الوصل فقط مع إثبات النونين كل من نافع وأبي عمرو. وأما حمزة فقرأ بنون واحدة مشددة مع إثبات الياء. السبعة ص ٤٨٢، والتيسير ص ١٣٨.