للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدِّثتُ عن عمارِ بنِ الحسنِ، قال: حدَّثنا ابنُ أبى جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ في قولِه: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾. قال (١): إن اليهودَ سألوا محمدًا زمانًا عن أمورٍ مِن التوراةِ، لا يسألونه عن شيءٍ مِن ذلك إلا أنزَل اللهُ عليه ما سألوا عنه فيخصِمُهم (٢)، فلمَّا رأَوْا ذلك قالوا: هذا أعلمُ بما أُنزِل إلينا منَّا. وإنهم سألوه عن السحرِ وخاصَموه به، فأنزَل اللهُ: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾. وإن الشياطينَ عَمَدوا إلى كتابٍ فكتَبوا فيه السحرَ والكهانةَ وما شاء اللهُ مِن ذلك، فدفَنوه تحتَ مجلسِ سليمانَ -وكان سليمانُ لا يعلَمُ الغيبَ- فلما فارَق سليمانُ الدنيا استخرَجوا ذلك السحرَ، وخدَعوا به الناسَ وقالوا: هذا علمٌ كان سليمانُ يكتُمُه ويحسُدُ الناسَ عليه. فأخبرَهم النبىُّ بهذا الحديثِ، فرجَعوا مِن عندِه وقد خَزُوا (٣) وأدحَض اللهُ حجتَهم (٤).

وحدَّثنى يونسُ، قال: أخبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾. قال: لمَّا جاءهم رسولُ اللهِ مُصَدِّقًا لِما معهم ﴿نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ الآية. قال: اتَّبَعوا السحرَ، وهم أهلُ الكتابِ. فقرَأ حتى بلَغ: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾.

وقال آخرون: بل عنى اللهُ بذلك اليهودَ الذين كانوا على عهدِ سليمانَ.


(١) فى م، ت ٢، ت ٣: "قالوا".
(٢) خصمه يخصمه خصمًا وخصومة: غلبه. تاج العروس (خ ص م).
(٣) فى م، ت ٣: "حزنوا"، وفى ت ٢: "خزيوا".
(٤) ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ١٩٤، ١٩٥ عن الربيع. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٩٥ إلى المصنف وابن أبى حاتم عن أبى العالية. وهو عند ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٨٦ (٩٨٥).