للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثنا عيسى، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿أُولِي الْقُوَّةِ﴾. قال: خمسةَ عشرَ (١).

فإن قال قائلٌ: وكيفَ قيل: ﴿وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ﴾ وكيفَ تَنُوءُ المفاتحُ بالعصبة، وإنما العصبةُ هي التي تَنُوءُ بها؟ قيل: اختلَف في ذلك أهلُ العلمِ بكلامِ العربِ؛ فقال بعضُ أهلِ البصرةِ (٢): مجازُ ذلك: ما إن العصبةَ ذوى القوةِ لتَنُوءُ بمفاتحِ نِعَمِه. قال: ويقالُ في الكلامِ: إنها لتنوءُ بها عجيزتُها. وإنما هي: تَنُوءُ بعجيزتِها. كما يَنوءُ البعيرُ بحِمْلِه. قال: والعربُ قد تَفْعَلُ مثلَ هذا، قال الشاعرُ:

فَدَيْتُ بنفسِه (٣) نفسي ومالي … وما آلُوكَ إلَّا ما أُطِيقُ

والمعنى: فديتُ بنفسى وبمالى نفسَه. وقال آخرُ (٤):

وتَرْكَبُ خَيْلًا لا هَوَادَةَ بينَها … وتَشْقَى الرِّماحُ بالضياطرةِ الحُمْرِ

وإنما تَشْقى الضياطرةُ بالرماحِ. قال: والخيلُ ههنا الرجالُ.

وقال آخرُ منهم: ﴿مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ﴾. [يريدُ: الذى إنَّ مفاتحَه] (٥). قال: وهذا موضعٌ لا يكادُ يُبتَدَأُ فيه "إن"، وقد قال: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ﴾ [الجمعة: ٨]. وقولُه: ﴿لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ﴾ إنما العصبةُ تَنوءُ بها، وفى الشعرِ (٦):


(١) تفسير مجاهد ص ٥٣١، ومن طريقه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٩/ ٣٠٠٩، وعزاه السيوطى في الدر المنثور ٥/ ١٣٧ إلى الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) هو أبو عبيدة فى مجاز القرآن ٢/ ١١٠.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢: "به".
(٤) تقدم في ١٦/ ٢٧٤.
(٥) سقط من: م، ت ١.
(٦) في مسائل نافع بن الأزرق ص ١٥٣ استشهد ابن عباس ببيت لامرئ القيس:
تمشى فتنقلها عجيزتها … مشى الضعيف ينوء بالوسق
وينظر تخريجه فيه.