للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو الذي يَحلَى بالعينِ. قال: فإن كان سمِع أثرًا بهذا فهو وجهٌ، وإلا فإنَّ الرجلَ جهِل المعنى. قال: وأنشَدني بعضُ العربِ:

حتى إذا ما التَأَمَت مواصِلُه (١) … وناءَ في (٢) شِقِّ الشمالِ كاهلُه

يعنى الراميَ لما أخَذ القوسَ ونزَع مالَ عليها. قال: ونُرى أن قولَ العربِ: ما ساءك وناءك. من ذلك، ومعناه: ما ساءك وأناءك (٣). إلا أنه أَلقى الألفَ؛ لأنه مُتْبَعٌ لـ "ساءَك"، كما قالت العربُ: أكلْتُ طعامًا فهنَأَنى ومرَأَني. ومعناه إذا أُفرِدَت: وأَمْرَأَنى. فحُذِفت منه الألفُ لمّا أُتبِع ما ليس فيه ألِفٌ.

وهذا القولُ الآخرُ في تأويلِ قولِه: ﴿لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ﴾. أولى بالصوابِ من الأقوالِ الأُخرِ؛ لمعنيين؛ أحدُهما، أنه تأويلٌ موافِقٌ لظاهرِ التنزيلِ. والثاني، أن الآثارَ التي ذكَرنا عن أهلِ التأويلِ بنحوِ هذا المعنى جاءت، وأنَّ قولَ مَن قال: معنى ذلك: ما إن العصبةَ لتَنوءُ بمفاتحِه. إنما هو توجيهٌ منهم إلى أن معناه: ما إن العصبةَ لتَنْهَضُ بمفاتحِه. وإذا وجِّه إلى ذلك لم يكنْ فيه من الدلالةِ على أنه أُريدَ به الخبرُ عن كثرةِ كنوزِه على نحوِ ما فيه إذا وجِّه إلى أن معناه: إن مفاتحَه تُثْقِلُ العصبةَ وتُمِيلُها؛ لأنه قد تَنْهَضُ العصبةُ بالقليلِ من المفاتحِ وبالكثيرِ، وإنما قصد جلَّ ثناؤُه الخبرَ (٤) عن كثرةِ ذلك، وإذا أُريدَ به الخبرُ عن كثرتِه، كان لاشكَّ أن الذي قالَه مَن ذكَرنا قوله من أن معناه: لتنوءُ العصبةُ بمفاتحِه. قولٌ لا معنى له، هذا مع خلافِه تأويلَ السلفِ فى ذلك.


(١) فى ص، ت ١، ت ٢: "مفاصله".
(٢) فى ص، ت ١، ت ٢: "عن".
(٣) بعده في م: "من ذلك".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢: "بالخبر".