للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السحرَ.

فمعنى الآيةِ على تأويلِ هذا القولِ الذى ذكَرناه عمَّن ذكَرنا عنه: واتبَعتِ اليهودُ الذى تَلتِ الشياطينُ في مُلكِ سليمانَ والذى أنزِل على الملكَين ببابلَ هاروتَ وماروتَ.

[وقال قائلو هذه المقالةِ: إن اللهَ أنزَل السحرَ على هاروتَ وماروتَ ببابلَ] (١). وهما ملَكان مِن ملائكةِ اللهِ، سنذكُرُ ما روِى مِن الأخبارِ في شأنِهما بعدُ (٢) إن شاء اللهُ.

وقالوا: إن قال لنا قائلٌ: وهل يجوزُ أن يُنزِلَ اللهُ السحرَ، أم هل يجوزُ لملائكتِه أن تعلِّمَه الناسَ؟

قلنا له: إنَّ اللهَ ﵎ قد أنزَل الخيرَ والشرَّ كلَّه، وبيَّن جميعَ ذلك لعبادِه، فأوحاه إلى رسلِه، وأمَرهم بتعليمِ خلقِه وتعريفِهم ما يحِلُّ لهم مما يحرُمُ عليهم، وذلك كالزِّنَا والسَّرَقِ (٣) وسائرِ المعاصى التى عرَّفَهُموها (٤) ونهَاهم عن ركوبِها، فالسحرُ أحدُ تلك المعانى (٥) التى أخبرَهم بها ونَهاهم عن العملِ بها.

وقالوا: ليس في العلمِ بالسحرِ إثمٌ، كما لا إثمَ في العلمِ بصنعةِ الخمرِ ونحتِ الأصنامِ والطَّنابيرِ (٦) والملاعبِ، وإنما الإثمُ في عملِه وتسويتِه.


(١) سقط من: م.
(٢) سقط من: م.
(٣) في م: "السرقة". وهما بمعنى.
(٤) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "عرفتمهوها".
(٥) في م: "المعاصى".
(٦) الطنابير، جمع الطُّنْبُور والطِّنْبار: من آلات الطرب، ذو عنق طويل وستة أوتار، معرب تَنْبور. الألفاظ الفارسية المعربة ص ١١٣.