للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وكذلك لا إثمَ في العلمِ بالسحرِ، وإنما الإثمُ في العملِ به، وأن يَضُرَّ به مَن لا يَحِلُّ ضَرُّه به.

قالوا: فليس في إنزالِ اللهِ إياه على الملَكَين، ولا في تعليمِ الملَكَين مَن علَّماه مِن الناسِ إثمٌ؛ إذ (١) كان تعليمُهما مَن علَّما ذلك بإذنِ اللهِ لهما بتعليمِه، بعدَ أن يُخبِراه أنَّهما فتنةٌ، وينهياه عن السحرِ والعملِ به والكفرِ، وإنما الإثمُ على مَن يتعلَّمُه منهما ويعمَلُ به؛ إذ كان اللهُ تعالى ذكرُه قد نَهى (٢) عن تعلُّمِه والعملِ به.

قالوا: ولو كان اللهُ أباح لبنى آدمَ أن يتعلَّموا ذلك، لَمْ يكنْ مَن تعلَّمَه (٣) حَرِجًا، كما لَمْ يكونا حَرِجَين (٤) لعلمِهما به؛ إذ كان علمُهما بذلك عن تنزيلِ اللهِ إليهما.

وقال آخرون: معنى "مَا"، معنى "الذى"، وهى عطفٌ على "مَا"، الأُولي، غيرَ أن الأُولى في معنى السحرِ، ومعنى (٥) الآخِرةِ في معنى التفريقِ بينَ المرءِ وزوجِه.

فتأويلُ الآيةِ على هذا القولِ: واتَّبَعوا السحرَ الذى تَتلو الشياطينُ في مُلكِ سليمانَ، والتفريقَ (٦) بينَ المرءِ وزوجِه الذى أُنزِل على المَلَكَين ببابلَ هاروتَ وماروتَ.


(١) في م: "إذا".
(٢) في م: "نهاه".
(٣) بعده في الأصل: "منهما".
(٤) الحِرْج والحَرَج: الإثم، والحارج: الآثم. قال ابن سيده: أراه على النسب؛ لأنه لا فعل له. اللسان (ح ر ج). وقال الشيخ شاكر عن استعمال الحرِج بمعنى الآثم: وأهل اللغة ينكرون ذلك، لا يقال للآثم إلَّا "الحارج".
(٥) سقط من: م.
(٦) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الذى".