للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عمرٍو، عن عبدِ اللهِ بنِ الحارثِ، عن ابنِ عباسٍ، قال: لمَّا نزلَت الزكاةُ أتَى قارونُ موسى، فصالَحه على كلِّ ألفِ دينارٍ دينارًا، وكلِّ ألفِ شيءٍ شيئًا، أو قال: وكلِّ ألفِ شاةٍ شاةً -الطبريُّ يشكُّ- قال: ثم أتَى بيتَه فحَسَبَه، فوجَده كثيرًا، فجمَع بني إسرائيلَ، فقال: يا بني إسرائيلَ، إن موسى قد أمَركم بكلِّ شيءٍ فأطَعْتُموه، وهو الآنَ يريدُ أن يأخُذَ مِن أموالِكم. فقالوا: أنت كبيرُنا، وأنت سَيِّدُنا، فمُرْنا بما شئتَ. فقال: آمُرُكم أن تَجِيئُوا بفلانةَ البغيِّ، فتَجْعَلُوا لها جُعْلًا، فتَقْذِفُه بنفسِها. فدَعَوها، فجَعَل لها جُعْلًا على أن تَقْذِفَه بنفسِها، ثم أتَى موسى، فقال لموسى: إن بني إسرائيلَ قد اجتَمعوا لتأمُرَهم ولتَنْهاهم. فخرج إليهم وهم في بَراحٍ مِن الأرضِ (١)، فقال: يا بني إسرائيلَ، مَن سَرَق قطَعْنا يدَه، ومَن افتَرى جَلَدْناه ثمانين (٢)، ومَن زنَى وليس له امرأةٌ جلَدْناه مائةً، ومَن زنَى وله امرأةٌ جلَدْناه يموتَ -أو: رَجَمْناه حتى يموتَ- الطبريُّ يشكُّ. فقال له قارونُ: وإن كنتَ أنت؟ قال: وإن كنتُ أنا. قال: فإن بني إسرائيلَ يزعُمون أنك فجَرْت بفلانةَ. قال: ادْعُوها، فإن قالت فهو كما قالت. فلما جاءتْ قال لها موسى: يا فلانةُ. قالت: يا لبَّيك. قال: أنا فعلتُ بكِ ما يقولُ هؤلاء؟ قالت: لا وكذَبوا، ولكن جعَلوا لي جُعْلًا على أنى أقْذِفُك بنفسى. فوثَب، فسجَد وهو بينَهم، فأوحى اللهُ إليه: مُرِ الأَرضَ بما شئتَ. قال: يا أرضُ خُذِيهم. فأخذَتهم إلى أقْدامِهم، ثم قال: يا أرضُ خُذِيهم. فأخذَتهم إلى رُكبِهم، ثم قال: يا أرضُ خذِيهم. فأخذتهم إلى حِقِيِّهم (٣)، ثم قال: يا أرضُ خُذِيهم. فأخَذَتهم إلى أعْناقِهم، قال: فجعَلوا يقولون: يا موسى يا موسى.


(١) البراح: المتسع من الأرض لا زرع بها ولا شجر، ويقال: أرض براح: واسعة ظاهرة لا نبات فيها ولا عمران. التاج (ب ر ح).
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢.
(٣) الحَقْو: الكَشْح، وقيل معقد الإزار، والجمع: أحْقٍ وأحقاء وحقِيّ وحقاء. اللسان (ح ق و).