للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويتضرَّعون إليه، قال: يا أرضُ خُذِيهم. فأطبقَت (١) عليهم، فأوحَى اللهُ إليه: يا موسى، يقولُ لك عبادى: يا موسى يا موسى. فلا ترحمُهم، أمَا لو إيَّاى دَعَوا، لوجَدوني قريبًا مُجِيبًا. قال: فذلك قولُ اللهِ: ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ﴾. وكانت زينتُه أنه خرَج على دوابَّ شُقْرٍ عليها سُرُوجٌ حُمْرٌ، عليهم ثيابٌ مُصْبَغةٌ بالبَهْرَمانِ (٢)، ﴿قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ﴾ إلى قولِه: ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ يا محمدُ ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (٣).

حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قال: ثنا يحيى بنُ عيسى، عن الأعمشِ، عن المِنْهالِ، عن رجلٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: لمَّا أمَر اللهُ موسى بالزكاةِ قال: رَمَوه بالزِّنى، فجَزِع مِن ذلك، فأرسَلوا إلى امرأةٍ كانوا (٤) قد أعْطَوها حُكْمَها على أن تَرْمِيَه بنفسِها، فلما جاءتْ عَظَّمَ عليها، وسألَها بالذى فلَق البحر لبنى إسرائيلَ، وأنزَل التوراةَ على موسى إلا صَدَقَت، قالت: إذ قد استحلفتَني، فإنى أشهَدُ أنك بَرِئٌ، وأنك رسولُ اللهِ. فخَرَّ ساجدًا يَبْكى، فأوحَى اللهُ إليه: ما يُبْكِيك؟ قد سَلَّطناك على الأرضِ، فمُرْها بما شئتَ. فقال: خُذِيهم. فأخذَتهم إلى ما شاء اللهُ. فقالوا: يا موسى يا موسى. فقال: خُذِيهم. فأخذَتهم إلى ما شاء اللهُ، فقالوا: يا موسى يا موسى. فخسَفتهم. قال: وأصابَ بنى إسرائيلَ بعدَ ذلك شِدَّةٌ وجوعٌ شديدٌ، فأتَوا موسى، فقالوا: ادْعُ لنا ربَّك. قال: فدَعا لهم، فأوحَى اللهُ إليه: يا موسى، أتُكَلِّمُنى في قومٍ قد


(١) فى م: "فانطبقت".
(٢) البهرمان: العصفر، وقيل: ضرب من العصفر. اللسان (بهرم).
(٣) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٤٤٧، ٤٤٨، وأخرجه ابن أبي شيبة ١١/ ٥٣١، ٥٣٢، والحاكم ٢/ ٤٠٨، ٤٠٩، وابن عساكر ٦١/ ٩٧، ٩٨ فى تاريخه من طريق الأعمش به.
(٤) في م: "كانت".