للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لى جُعْلًا على أن أرْمِيَك بنَفْسى. قال: فوثَب موسى، فخَرَّ ساجدًا للهِ، فأوحَى اللهُ إليه: أن ارفَعْ رأسَك، فقد أمرتُ الأرضَ أن تُطِيعَك. فقال موسى (١): خُذِيهم. فأَخَذَتهم حتى بَلَغوا الحِقْوَ، قال: يا موسى. قال: خُذِيهم. فأَخَذَتهم حتى بلَغوا الصدورَ، قال: يا موسى. قال: خُذِيهم. قال: فذهَبوا. قال: فأوحَى اللهُ إليه: يا موسى، اسْتَغاثَ بك فلم تُغِثْه، أمَا لو اسْتغاثَ بي لأجَبْتُه ولأغَثْتُه (٢).

حدَّثنا بشرُ بنُ هلالٍ الصَّوَّافُ، قال: ثنا جعفرُ بن سليمانَ الضُّبَعِيُّ، قال: ثنا عليُّ بنُ زيدِ بن جُدْعانَ، قال: خرج عبدُ اللهِ بنُ الحارثِ مِن الدارِ، ودخَل المقصورةَ، فلما خرَج منها، جلَس وتَسانَد عليها، وجَلَسْنا إليه، فذكَر سليمانَ بن داودَ وقال: ﴿قَالَ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ إلى قولِه: ﴿فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ [النمل: ٣٨ - ٤٠]. ثم سكَت عن ذكر سليمانَ، فقال: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ﴾. وكان قد أُوتى من الكنوزِ ما ذكَر اللهُ في كتابِه: ﴿مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ﴾، ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾. قال: وعادَى موسى، وكان مُؤْذِيًا له، وكان موسى يصفحُ عنه ويعفُو للقرابةِ، حتى بنَى دارًا، وجعَل بابَ دارِه مِن ذَهَبٍ، وضرَب على [جُدُرِ دارِه] (٣) صفائحَ الذهبِ، وكان الملأُ من بني إسرائيلَ يَغْدُون عليه ويَرُوحون، فيُطْعِمُهم الطعامَ، ويحدِّثونه ويُضْحِكونه، فلم تَدَعْه شِقْوتُه والبَلاءُ، حتى أرسَل إلى امرأةٍ مِن بنى إسرائيلَ مشهورةٍ بالخَنَا، مشهورةٍ بالسَّبِّ، فأرسَل إليها فجاءت فقال لها: هل لكِ أن أُمَوِّلَكِ وأُعْطِيَكِ وأَخْلِطَكِ بنسائِى، على أن تأتِيَنى والملأُ من بني إسرائيلَ عندى


(١) بعده فى م: "يا أرض".
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٤٤٨، ٤٤٩، وأخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٩/ ٣٠١٨، وابن عساكر في تاريخه ٦١/ ٩٧، ٩٨ من طريق الأعمش به، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ١٣٦ إلى ابن المنذر.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢: "حدداره"، وفى م: "جدرانه". والمثبت من التاريخ.