للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتقولى: يا قارونُ، أَلَا تَنْهَى عَنِّى موسى، قالت: بلى. فلما جلَس قارونُ وجاءه الملأُ من بنى إسرائيلَ، أرسَل إليها، فجاءتْ فقامَت بينَ يدَيه، فقَلَّب اللهُ قلبَها، وأحْدَث لها توبةً، فقالت في نفسها: أُحْدِثُ (١) اليوم توبةً أَفضلُ مِن أن أُوذِيَ رَسولَ اللهِ ، وأُكذِّبُ (٢) [عدوًّا له] (٣). فقالت: إن قارونَ قال لي: هل لك أن أُمَوِّلَكِ وأُعْطِيَك وأَخْلِطَكِ بنِسائِي، على أن تأتِيَنى والملأُ من بنى إسرائيلُ عندى، فتقولى: يا قارونُ، ألا تَنْهَى عنى موسى، فلم أجِدْ توبةً أفضلَ مِن ألا أُوذِيَ رسولَ اللهِ ، وأُكَذِّبَ (٢) عدوَّ اللهِ. فلما تكلَّمَت بهذا الكلامِ، سُقِط فى يَدَيْ قارونَ، ونَكَّس رأسَه، وسكَت الملأُ، وعرَف أنه قد وَقَع فى هَلَكَةٍ، وشاعَ كلامُها فى الناسِ، حتى بلَغ موسى، فلما بلَغ موسى اشتدَّ غضبُه، فتوضَّأَ من الماءِ، وصلَّى وبكَى، وقال: يا ربِّ، عدوُّك لي مُؤْذٍ، أراد فَضِيحتى وشَينى، يا ربِّ سَلِّطْنى عليه. فأوحى اللهُ إليه أَن مُرِ الأَرضَ بما شئتَ تُطِعْك، فجاء موسى إلى قارونَ، فلما دخَل عليه، عرف الشَّرَّ في وَجْهِ موسى له، فقال: يا موسى ارحَمْنى. قال: يا أرضُ خُذِيهم. قال: فاضطَرَبت دارُه، وساخَت بقارونَ وأصحابِه إلى الكعبَين، وجعَل يقولُ: يا موسى، [ارحمْنى. قال: يا أرضُ خذيهم. فاضطربت دارُه وساخت، وخُسِف بقارونَ وأصحابِه] (٤) إلى رُكَبِهم، وهو يَتضرَّعُ إلى موسى: يا موسى ارحَمْنى. قال: يا أرضُ خُذِيهم. قال: فاضطرَبَت دارُه وساخَت، وخُسِف بقارونَ وأصحابِه إلى سُرَرِهم، وهو يَتضرَّعُ إلى موسى: يا موسى ارحَمْنى. قال: يا أرضُ خُذِيهم. فخُسِف به وبدارِه وأصحابِه. قال: وقيل لموسى : يا موسى ما أفَظَّك، أما وعِزَّتى لو إيَّاى نادَى لأجبْتُه (٥).


(١) في م: "لأن أحدث".
(٢) في ص، وتاريخ المصنف: "أعذب".
(٣) فى م: "عدو الله له"، وفى تاريخ المصنف وتاريخ دمشق: "عدو الله".
(٤) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، وفى م: "فأخذتهم". والمثبت من التاريخ.
(٥) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٤٤٩، وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره -كما في الدر المنثور ٥/ ١٣٨ - ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٣٠١٩، وابن عساكر في تاريخه ٦١/ ٩٦، ٩٧ عن جعفر به، وهو في تفسير مجاهد ص ٥٣٢، ٥٣٣ من طريق على بن زيد بن جدعان به.