للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه -وهاروتُ وماروتُ هما الملَكان- فمَن المتعلَّمُ منه إذن ما يفرَّقُ به بينَ المرءِ وزوجِه؟ وعمَّن الخبرُ الذي أخبرَ عنه بقولِه: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾؟ إنَّ خطأَ هذا القولِ لواضحٌ بيِّنٌ.

وإن كان قولُه: ﴿هَارُوتَ وَمَارُوتَ﴾. ترجمةً عن "الناسِ" الذين في قولِه: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾. فقد وجَب أن تكونَ الشياطينُ هى التى تعلِّمُ هاروتَ وماروتَ السحرَ، وأن (١) تكونَ السحرةُ إنما تعلَّمت السحرَ من هاروتَ وماروتَ عن تعليمِ الشياطينِ إياهما. فإن يكنْ ذلك كذلك، فلنْ يخلوَ هاروتُ وماروتُ عندَ قائلى (٢) هذه المقالةِ من أحدِ أمرين؛ إما أن يكونا ملَكَين، فإن كانا عندَهم (٣) ملَكَين، فقد أوجَبوا (٤) لهما مِن الكفرِ باللهِ والمعصيةِ له - بنسبتِهم (٥) إياهما إلى أنهما يتعلَّمان مِن الشياطينِ السحرَ [والكفرَ] (٦) ويعلِّمانه الناسَ، وإصرارِهما على ذلك ومُقامِهما عليه- أعظمَ مما ذكِر عنهما أنهما أتَياه مِن المعصيةِ التى استَحقَّا عليها العقَابَ. وفي خبرِ اللهِ تعالى ذكرُه عنهما أنهما لا يعلِّمان أحدًا ما يَتعلَّمُ منهما حتى يقولا له: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾. ما يُغنى عن الإكثارِ في الدَّلالةِ على خطأِ هذا القولِ، أو أن يكونا كانا (٧) رجلين من بنى آدمَ، فإن يكن ذلك كذلك فقد كانا يجبُ أن يكونَ بهلاكِهما قد


(١) سقط من: م.
(٢) في م، ت ٢، ت ٣: "قائل"، وغير واضحة في: ت ١.
(٣) في م: "عنده".
(٤) في م: "أوجب".
(٥) في م: "بنسبته".
(٦) سقط من: م.
(٧) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.