للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتوبيخِ، أي: اكفُروا؛ فإنكم سوف تعلَمون ماذا تَلْقَون (١) مِن عذابِ اللهِ بكفرِكم (٢) به (٣).

وأَولى القراءتين عندى فى ذلك بالصوابِ قراءةُ مَن قرَأه بسكونِ "اللامِ" (٤) على وجهِ التهديدِ والوعيدِ، وذلك أن الذين قرَءوه بكسرِ "اللامِ" زعَموا أنهم إنما اخْتاروا كسرَها عطفًا بها على "اللامِ" التى فى قولِه: ﴿لِيَكْفُرُوا﴾. وأن قولَه: ﴿لِيَكْفُرُوا﴾. لمّا كان معناه: كى يكفُروا كان الصوابُ في قولِه: ﴿وَلِيَتَمَتَّعُوا﴾ أن يكونَ: وكى يَتَمتَّعوا، إذ كان عطفًا على قولِه: ﴿لِيَكْفُرُوا﴾. عندَهم. وليس الذى (٥) ذهَبوا مِن ذلك بمذهبٍ، وذلك لأن "لامَ" قولِه: ﴿لِيَكْفُرُوا﴾. صلُحت أن تكونَ بمعنى "كي"؛ لأنها شرطٌ لقولِه: إذا هم يُشركون باللهِ، كى يكفُروا بما آتيناهم من النِّعَمِ. وليس ذلك كذلك في قولِه: ﴿وَلِيَتَمَتَّعُوا﴾. لأن إشْراكَهم باللهِ كان كُفْرًا بنعمتِه، وليس إشْراكُهم به تَمَتُّعًا بالدنيا، وإن كان الإشْراكُ به يُسَهِّلُ لهم سبيلَ التَّمَتُّعِ بها، فإذ كان ذلك كذلك فتَوْجِيهُه إلى معنى الوعيدِ أَولى وأحقُّ مِن تَوْجِيهِه إلى معنى: وكي يَتَمتَّعوا.

وبعدُ، فقد ذُكر أن ذلك فى قراءةِ أُبَيٍّ: (وَتَمَتَّعُوا) (٦). وذلك دليلٌ على صحةِ قراءةِ من قرَأه بسكونِ "اللامِ"، بمعنى الوعيدِ.

وقولُه: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا﴾، يقولُ تعالى ذكرُه مُذَكَّرًا هؤلاء


(١) في م: "يلقون".
(٢) فى م، ص، ت ٢: "بكفرهم".
(٣) هي قراءة ابن كثير وحمزة والكسائي ورواية عن نافع. السبعة ص ٥٠٢، ٥٠٣.
(٤) القراءتان كلتاهما صواب.
(٥) فى ص، ت ١، ت ٢: "الذين".
(٦) تفسير القرطبي ١٣/ ٣٦٣، والبحر المحيط ٨/ ١٥٩.