للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشركينِ مِن قريشٍ، القائلين: لولا أُنزِل عليه (١) آيةٌ مِن ربِّه- نِعْمَتَه عليهم، التي خَصَّهم بها دونَ سائرِ الناسِ غيرِهم، مع كفرِهم بنعمتِه، وإشْراكِهم في عبادتِه الآلهة والأنْدادَ: أولم يَرَ هؤلاء المشركون مِن قريشٍ، ما خَصَصْناهم به من نعمتِنا عليهم دونَ سائرِ عبادِنا، فيَشْكُرونا على ذلك، ويَنْزجِروا عن كفرِهم بنا، وإشْراكِهم ما لا ينفعُهم ولا يَضُرُّهم في عبادتِنا؛ ﴿أَنَّا جَعَلْنَا﴾ بلدهم ﴿حَرَمًا﴾ حَرَّمْنا على الناس أن يدخُلوه بغارةٍ أو حربٍ، ﴿آمِنًا﴾ يأْمَنُ فيه من سكَنه، فأَوَى إليه، من السِّبَاءِ والخوفِ والحرامِ الذي لا يأمَنُه غيرُهم مِن النَّاسُ؟! ﴿وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾. يقولُ: ويُسْلَبُ الناسُ مِن حولِهم قتلًا وسِبَاءً.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾. قال: كان لهم في ذلك آيةٌ أن الناسَ يُغْزَون ويُتَخَطَّفون، وهم آمِنون (٢).

وقولُه: ﴿أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ﴾. يقولُ: أفبالشِّرْكِ باللهِ يُقرُّون بألُوهةِ الأوثانِ، بأن يُصَدِّقوا، وبنعمةِ اللهِ التى خَصَّهم بها، مِن أن جعَل بلدَهم حَرَمًا آمِنًا يكفُرون؟! يعنى بقولِه: ﴿يَكْفُرُونَ﴾. يَجْحَدون.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ﴾: أي: بالشِّرْكِ، ﴿وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ﴾. أي: يجحَدون (٣).


(١) فى ص، ت ١، ت ٢: "علي محمد".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٩/ ٣٠٨٣ من طريق يزيد. وعزاه السيوطى في الدر المنثور ٥/ ١٥٠ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٣٠٧٣، ٣٠٨٣ من طريق يزيد مختصرًا دون شطره الثاني، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ١٥٠ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.