للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: إنى أُرِيدُ أن أَبْعَثَ إلى الرومِ جيشًا، وأستعمِلَ عليهم رجلًا من بَنيكِ، فَأَشِيرى على، أَيُّهم أستعمِلُ؟ فقالت: هذا فلانٌ، وهو أروغُ من ثعلبٍ، وأحذرُ من صقرٍ (١)، وهذا فَرُّحَانُ، وهو أنفذُ من سنانٍ، وهذا شَهْرَبرَازُ (٢)، وهو أحلمُ من كذا، فاستعمِلْ أيَّهم شئْتَ. قال: إني قد استعمَلتُ الحليمَ. فاستعمَل شَهْرَبَرَازَ (٢)، فسار إلى الرومِ بأهلِ فارسَ، وظهَر عليهم، فقتَلهم، وخرَّب مدائنَهم، وقطَّع زيتونَهم. قال أبو بكرٍ: فحدَّثتُ بهذا الحديثِ عطاءً الخراسانيَّ، فقال: أما رأيتَ بلادَ الشامِ؟ قلت: لا قال: أما إنك لو رأَيتَها (٣)، لرأَيتَ المدائنَ التي خُرِّبت، والزيتونَ الذي قُطِّع. فأتيتُ الشامَ بعد ذلك فرأيتُه.

قال عطاءٌ الخراسانيُّ: ثني يحيى بنُ يَعْمَرَ: أن قيصرَ بعَث رجلًا يُدعَى قطمةَ بجيشٍ من الرومِ، وبعث كسرَى شهربرازَ (٢)، فالْتَقيا بأذْرِعاتٍ وبُصْرَى، وهي أدنى الشام إليكم، فلقِيَتْ فارسُ الرومَ، فغلَبتهم، فارسُ، ففرِح بذلك كفارُ قريشٍ، وكرِهه المسلمون، فأنزَل اللهُ: ﴿الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ الآيات. ثم ذكَر مثلَ حديثِ عكرمةَ، وزاد: فلم يبرَحْ (٤) شهَربرازُ يَطَؤُهم، ويُخرِّبُ مدائنَهم، حتى بلَغ الخليجَ (٥)، ثم مات كسرَى، فبلَغهم، موتُه، فانهَزم شهرَبرازُ وأصحابُه، [وأُدِيلَتْ عليهم] (٦) الرومُ عندَ ذلك، فأَتْبَعوهم يَقْتُلونهم. قال: وقال عكرمةُ في حديثِه: لما ظهَرت فارسُ على الرومِ جلَس فرُّخانُ يشربُ، فقال لأصحابِه: لقد رأيتُ كأني


(١) في ص، م، ت ٢، ف: "صرد"، وينظر ابن كثير.
(٢) فى ت ١: "شهرواز"، وفى ابن كثير: "شهريراز"، وينظر البداية والنهاية ١٠/ ١٥٥.
(٣) في ص، ت ١: "أتيتها".
(٤) في م، ف: "يزل".
(٥) في ت ٢: "الخليع".
(٦) فى م، ف: "وأوعبت عليهم"، وفي ت ١: "وأدركهم".