للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جالسٌ على سريرِ كسرَى. فبلَغت كسرَى، فكتَب إلى شهرَبرازَ: إذا أتاك كتابى، فابعَثْ إليَّ برأسِ فَرُّخان، فكتَب إليه: أيُّها الملِكُ، إنك لن تَجِدَ مثلَ فَرُّحانَ، إن له نكايةً وصوتًا (١) في العدوِّ، فلا تَفْعَلْ. فكتَب إليه: إن فى رجالِ فارسَ خلفًا منه، فعجِّلْ إليَّ برأسِه. فراجَعه، فغضِب كسرَى فلم يُجِبْه، وبعَث [بريدًا إلى أهلِ] (٢) فارسَ: إنى قد نَزَعتُ عنكم شهرَبرازَ (٣)، واستعمَلتُ عليكم فرُّخانَ، ثم دفَع إلى البريدِ صحيفةً صغيرةً: إذا وَليَ فرُّخانُ الملْكَ، وانقادَ له أخوه، فأَعْطِه هذه (٤). فلما قرَأ شهرَبرازُ الكتابَ، قال: سمعًا وطاعةً. ونزَل عن سريرِه، وجلَس فَرُّخانُ، ودُفِع الصحيفةُ إليه، قال: ائتونى بشهرَبرازَ. فقدَّمه ليَضْرِبَ عنقَه، قال: لا تعجَلْ حتى أكتبَ وصيَّتى. قال: نعم. فدعا بالسَّفَطِ (٥)، فأعطاه ثلاثَ صحائف وقال: كلُّ هذا راجَعتُ فيك كسرَى، وأنت أردتَ أن تَقْتُلَنى بكتابٍ واحدٍ! فردَّ المُلكَ، وكتب شهرَبرازُ إلى قيصرَ ملكِ الرومِ: إن لى إليك حاجةَ لا تَحْمِلُها البُرُدُ (٦)، ولا تُبلِّغُها الصحفُ، فالْقَنى، ولا تَلْقَنى إلَّا فى خمسين روميًّا، فإنى ألقاك (٧) في خمسين فارسيًّا. فأقبَل قيصرُ فى خمسِمائة ألفِ روميٍّ، وجعَل يَضَعُ العيونَ بينَ


(١) في ص، م، ت ٢، ف: "ضربا"، والمثبت موافق لما فى ابن كثير، ويقال: له صوت، أي: ذِكر. اللسان (ص و ت).
(٢) في ت ٢: "يريد إلى".
(٣) في ت ١: "شهرواز".
(٤) سقط من: ص، ت ١، ت ٢.
(٥) السفَط: الذي يعبي فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء. اللسان (س ف ط).
(٦) فى م، ف: "البريد"، والبرد جمعها.
(٧) في ت ٢: "لا ألقاك إلا".