للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"إنَّ الملائكةَ قالت: يا ربِّ، كيف صبرُك على بنى آدمَ فى الخطايا والذنوبِ؟ قال: إنى ابتَليتُهم وعافَيتُكم. قالوا: لو كنا مكانَهم ما عصَيناك. قال: فاختارُوا ملَكَين منكم". قال: "فلم يألُوا أن يختارُوا، فاختارُوا هاروتَ وماروتَ" (١).

وحدَّثنى المثنَّى، قال: حدَّثنا أبو حذيفةَ، قال: حدَّثنا شبلٌ، عن ابنِ أبى نجيحٍ، عن مجاهدٍ: أمّا شأنُ هاروتَ وماروتَ، فإن الملائكةَ عجِبت من ظلمِ بنى آدمَ، وقد جاءتْهم الرسلُ والكتبُ والبيناتُ، فقال لهم ربُّهم: اختاروا منكم ملَكَين أُنزِلْهما يحكُمان فى الأرضِ بين بنى آدمَ. فاختاروا - [فلم يألُوا] (٢) - هاروتَ وماروتَ. فقال لهما حينَ أنزَلهما: أَعجِبتما مِن بنى آدمَ ومِن ظلمِهم ومعصيتِهم، وإنما تأتِيهم الرسلُ والكتبُ مِن وراءَ وراءَ؟! وأنتما ليس بينى وبينَكما رسولٌ، فافعَلا كذا وكذا، ودعا كذا وكذا. فأمَرهما بأمرٍ ونهاهما، ثم نزَلا على ذلك، ليس أحدٌ أطوعَ للهِ منهما، فحكَما فعدَلا، فكانا يحكُمان النهارَ بين بنى آدمَ، فإذا أمسَيا عَرَجا وكانا مع الملائكةِ، وينزِلان حين يصبِحان فيحكُمان فيعدِلان، حتى أُنزِلت عليهما الزُّهَرةُ فى أحسنِ صورةِ امرأةٍ تخاصِمُ، فقضَيا عليها، فلما قامت وجَد كلُّ واحدٍ منهما فى نفسِه، فقال أحدُهما لصاحبِه: وجَدتَ مثلَ ما وجَدتُ؟ قال: نعم. فبعَثا إليها: أنِ ائتِينا نَقْضِ لكِ. فلما رجَعت، قالا لها -وقضيا لها-: ائتِينا. فأتتهما، فتكشَّفا لها عن عورتِهما، وإنما كانت شهوتُهما فى أنفسِهما، ولم يكونا كبنى آدمَ فى شهوةِ النساءِ ولذَّتِها، فلما بلَغا ذلك واستحلَّاه وافتُتِنا، طارتِ الزُّهَرةُ فرجَعت حيث كانت، فلما


(أ) أخرجه سنيد -كما فى الدر المنثور ١/ ٩٧ - ومن طريقه الخطيب ٨/ ٤٢، وابن الجوزى فى الموضوعات
١/ ١٨٦، والذهبى فى الميزان ٢/ ٢٣٦. وذكره ابن كثير فى تفسيره ١/ ١٩٩ عن المصنف، وقال: غريب
جدا، وأقرب ما فى هذا أنه من رواية عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار، لا عن النبى . . . وينظر تفسير
ابن كثير ١/ ١٩٨ - ٢٠٠، والدر المنثور ١/ ٩٧، ٩٨، والضعيفة (٩١٢).
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.