للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمسَيا عَرَجا فزُجِرا (١) فلم يؤذنْ لهما، ولم تحمِلْهما أجنِحَتُهما، فاستغاثا برجلٍ من بنى آدمَ، فأتَياه فقالا: ادعُ لنا ربَّك. فقال: كيف يشفَعُ أهلُ الأرضِ لأهلِ السماءِ؟ قالا: سمِعنا ربَّك يذكُرُك بخيرٍ فى السماءِ. فوعَدهما يومًا وعْدًا (٢)؛ يدعو لهما، فدَعا لهما فاستُجيب له، فخيِّرا بين عذابِ الدنيا وعذابِ الآخرةِ، فنظَر أحدُهما إلى صاحبِه [فقال: ألا تعلمُ] (٣) أن أفواجَ (٤) عذابِ اللهِ فى الآخرةِ كذا وكذا فى الخلدِ (٥)، ومع الدنيا سبعَ (٦) مراتٍ مثلَها. فأُمِرا أن ينزِلا ببابلَ، فثَمَّ عذابُهما، وزُعِم أنهما معلَّقان فى الحديدِ مَطويَّان؛ يصطَفِقان (٧) بأجنِحَتِهما (٨).

قال أبو جعفرٍ: وحُكِى عن بعضِ القرأةِ أنه كان يَقْرَأُ ذلك: (وما أُنزِل على المَلِكينِ). يعنى به: رجلين مِن بنى آدمَ (٩).


(١) فى م: "فردا"، وفى ت ١: "فرجعا"، وفى ت ٢: "فرجوا".
(٢) فى م: "وغدا".
(٣) فى م: "فقالا نعلم".
(٤) فى م: "أنواع".
(٥) بعده فى الأصل: "نعم". وعليها استشكال.
(٦) فى تفسير ابن كثير: "تسع".
(٧) فى تفسير ابن كثير: "يصفقان". واصطفق القوم: اضطربوا. اللسان (ص ف ق).
(٨) أخرجه أبو الشيخ فى العظمة (٧٠٤) من طريق أبى حذيفة به مختصرًا. وأخرجه ابن أبى حاتم فى تفسيره ١/ ١٩٢ (١٠٠٩) من طريق ابن جريج، عن مجاهد مختصرا. وذكره ابن كثير فى تفسيره ١/ ٢٠٣ كاملًا ثم قال: وقد روى فى قصة هاروت وماروت عن جماعة من التابعين، كمجاهد والسدى والحسن و. . . وغيرهم، وقصها خلق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين، وحاصلها راجع فى تفصيلها إلى أخبار بنى إسرائيل، إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذى لا ينطق عن الهوى، وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ولا إطناب فيها، فنحن نؤمن بما ورد فى القرآن على ما أراده الله تعالى، والله أعلم بحقيقة الحال.
(٩) قرأها كذلك ابن عباس والحسن وأبو الأسود الدؤلى والضحاك وابن أبزى، وهى قراءة شاذة. المحتسب ١/ ١٠٠، والبحر المحيط ١/ ٣٢٩. وأخرج قراءة ابن أبزى والضحاك ابن أبى حاتم فى تفسيره (١٠٠٠، ١٠٠٢).