للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد دلَّلْنا على خطأِ القراءةِ بذلك مِن جهةِ الاستدلالِ (١)، فأما مِن جِهَةِ النقلِ، فإجماعُ الحجةِ على خطأِ القراءةِ بها من الصحابةِ والتابعين وقرأةِ الأمصارِ. وكفَى بذلك شاهدًا على خطَئِها.

وأما قولُه: ﴿بِبَابِلَ﴾. فإنه اسمُ قريةٍ أو موضعٍ مِن مواضعِ الأرضِ.

وقد اختلَف أهلُ التأويلِ فيها؛ فقال بعضُهم: إنها ببابلِ دُنْباوَنْدَ.

حَدَّثنى بذلك موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السدىِّ (٢).

وقال بعضُهم: بل ذلك ببابلِ العراقِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: حدَّثنى حجاجٌ، عن ابنِ أبى الزنادِ، عن هشامِ بنِ عروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ فى قصةٍ ذكَرتها عن امرأةٍ قدِمت المدينةَ، فذكَرت أنها صارت بالعراقِ ببابلَ، فأتَت بها هاروتَ وماروتَ، فتعلَّمت منهما السحرَ (٣).

واختُلف فى معنى السحرِ؛ فقال بعضُهم: هو خُدَعٌ ومَخاريقُ ومعانٍ يفعَلُه الساحرُ، حتى يُخَيَّلَ إلى المسحورِ الشئُ أنه بخلافِ ما هو به، نظيرَ الذى يرى السَّرابَ مِن بعيدٍ، فيُخَيَّلُ إليه أنه ماءٌ، ويرَى الشئَ مِن بعيدٍ [فيه، فيتبيَّنُه] (٤) بخلافِ ما هو به (٥) على حقيقتِه، وكراكبِ السفينةِ السائرةِ سيرًا حثيثًا يُخَيَّلُ إليه أن ما عاين مِن


(١) ينظر ما تقدم فى ص ٣٣٨، ٣٣٩.
(٢) تقدم تخريجه فى ص ٣٤٥.
(٣) سيأتى تخريجه فى ص ٣٥٣.
(٤) فى م: "فيثبته".
(٥) سقط من: م.