للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا محمدُ، لطاعته -وهى الدينُ- ﴿حَنِيفاً﴾. يقول: مستقيمًا لدينه وطاعته، ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾. يقولُ: صنعةَ اللهِ التي خلق الناس عليها. ونُصبت ﴿فِطْرَتَ﴾ على المصدرِ من معنى قولِه: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا﴾. وذلك أن معنى ذلك: فطَر الله الناس على ذلك فطرةً.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾، قال: الإسلامُ، مذْخلَقهم اللَّهُ مِن آدمَ جميعًا يُقِرُّون بذلك. وقرَأ: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (١) وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدنَا﴾ [الأعراف: ١٧٢]. قال: فهذا قولُ اللهِ: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ﴾ [البقرة: ٢١٣] بعدُ.

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾. قال: الإسلامُ (٢).

حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا يحيى بنُ واضحٍ، قال: ثنا يونسُ بن أبي صالح (٣)، عن يزيد بن أبي مريمَ، قال: مرَّ عمرُ بمُعاذ بن جَبَلٍ فقال: ما قوام هذه الأُمَّةِ؟ قال معاذٌ: ثلاثٌ، وهنَّ المنجياتُ: الإخلاص، وهو الفطرةُ: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ


(١) في ت ١، ت ٢: "ذرياتهم"، وهى قراءة نافع وأبي عمرو وابن عامر. ينظر التيسير ص ٩٤.
(٢) تفسير مجاهد ص ٥٣٩.
(٣) في تفسير ابن كثير ٦/ ٣٢٢: "إسحاق". والظاهر أنه الصواب. ينظر تهذيب الكمال ٣٢/ ٤٨٨.