للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقالا: فما رأيتِ؟ فقلتُ: لم أرَ شيئًا. فقالا: كذَبتِ لم تَفعَلى، ارجِعى إلى بلادِك ولا تكفُرى، فإنك على رأسِ أمرِكِ (١). فأرْبَبْتُ وأبيتُ، فقالا: اذهَبى إلى ذلك التنُّورِ فبولى فيه. فذهَبتُ إليه فبُلتُ فيه، فرأيتُ فارسًا مُتقنِّعًا بحديدٍ خرَج منه (٢) حتى ذهَب في (٣) السماءِ، وغاب عنى حتى ما أراه. فجئتُهما فقلتُ: قد فعلتُ. فقالا: فما رأيتِ؟ فقلتُ: رأيتُ (٤) فارسًا مُتقنِّعًا خرَج منه (٢)، فذهَب في السماءِ حتى ما أراه. فقالا: صدَقتِ، ذلك إيمانُكِ خرَج منك، اذهبى. فقلتُ للمرأةِ: واللهِ ما أعلمُ شيئًا، وما قالا لى شيئًا. فقالت: بلى، لن تريدى شيئًا إلا كان، خُذى هذا القمحَ فابذُرى. فبذَرتُ، فقلتُ: أطْلِعى. فأطْلَعتْ، وقلت: أحْقِلى. فأحْقَلت، ثم قلت: [أفْرِكى. فأفْرَكَتْ] (٥)، ثم قلت: أيْبِسى. فأيْبَست، ثم قلت: أطْحِنى. فأطْحَنَتْ، ثم قلتُ: أخبزِى. فأخبَزتْ. فلمّا رأيتُ أنى لا أريدُ شيئًا إلا كان، سُقِط في يدِى وندِمتُ، واللهِ يا أمَّ المؤمنين (٦) ما فعلتُ شيئًا قطُّ ولا أفعلُه أبدًا (٧).

فقال أهلُ هذه المقالةِ بما وصَفنا، واعتلُّوا بما ذكَرنا، وقالوا: لولا أن الساحرَ يقدِرُ على فعلِ ما ادّعى أنه يقدِرُ على فعلِه، ما قدَر أن يفرِّقَ بينَ المرءِ وزوجِه. قالوا: وقد أخبرَ اللهُ تعالى ذكرُه عنهم أنهم يتعلَّمون مِن الملَكَين ما يفرِّقون به بينَ المرءِ


(١) أى في أوله. التاج (ر أ س).
(٢) في م، ومصادر التخريج: "منى". وقولها: "منه". أى من البول.
(٣) في الأصل: "إلى".
(٤) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٥) في المستدرك: "أفرخى فأفرخت".
(٦) بعده في م، ت ١، ت ٢:"والله".
(٧) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٩٤ (١٠٢٢)، والحاكم ٤/ ١٥٥، والبيهقى ٨/ ١٣٦ من طريق الربيع بن سليمان به مطولا ومختصرا. وقال الحاكم: صحيح الإسناد. وذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ٢٠٣، ٢٠٤ عن المصنف، وقال: أثر غريب، وسياق عجيب. وقال أيضًا: ١/ ٢٠٥: هذا إسناد جيد إلى عائشة.