للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحيوانَ والجمادَ] (١)، وينشِئَ أعيانًا وأجسامًا.

واعتلُّوا في ذلك بما حدَّثنا به الربيعُ بنُ سليمانَ، قال: ثنا ابنُ وهبٍ، قال: أخبرَنى ابنُ أبى الزنادِ، قال: حدَّثنى هشامُ بنُ عروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ زوجِ النبيِّ أنها قالت: قدِمت عليَّ امرأةٌ مِن أهلِ دُومَةِ الجندلِ (٢)، جاءت تَبتغى رسولَ الله بعدَ موتِه (٣) حَدَاثةَ ذلك، تسألُه عن شيءٍ دخَلتْ فيه من أمرِ السحرِ ولم تعمَلْ به. قالت عائشةُ لعروةَ: يا بنَ أختى، فرأيتُها تبكى حينَ لم تجِدْ رسولَ الله فيشفِيَها، كانت تبكى حتى إنى لأرحَمُها، وتقولُ: إنى لأخافُ أن أكونَ قد هلَكْتُ، كان لى زوجٌ فغاب عنى، فدخَلَت عليَّ عجوزٌ فشكَوتُ ذلك إليها، فقالت: إن فعَلتِ ما آمرُكِ به، فأجعلُه يأتيك. فلما كان الليلُ جاءتْنى بكلبَين أسودَين، فركِبتْ أحدَهما وركِبتُ الآخرَ، فلم يكنْ كشيءٍ (٤) حتى وقَفنا ببابلَ، فإذا برجلَين، معلَّقَين بأرجلِهما، فقالا: ما جاء بكِ؟ فقلتُ: أتعلَّمُ السحرَ. فقالا: إنما نحن فتنةٌ، فلا تكفُرى وارجِعى. فأبَيْتُ، وقلتُ: لا. قالا: فاذهَبى إلى ذلك التنُّورِ فبُولى فيه. فذهَبتُ ففزِعتُ فلم أفعلْ، فرجَعتُ إليهما، فقالا: أفعَلتِ؟ فقلتُ: نعم. قالا: فهل رأيتِ شيئًا؟ قلتُ: لم أرَ شيئًا. فقالا: لم تفعَلى، ارجِعى إلى بلادِك ولا تكفُرى. [فأرْبَبْتُ وأبيتُ] (٥)، فقالا: اذهَبى إلى ذلك التنورِ فبولى فيه. فذهَبتُ فاقشعرَرْتُ وخفتُ، ثم رجعتُ إليهما فقلتُ: قد فعلتُ.


(١) في م: "الإنسان والحمار".
(٢) دومة الجندل: هى ما بين برك الغماد ومكة. معجم ما استعجم ٢/ ٥٦٤.
(٣) بعده في الأصل: "في".
(٤) هذه اللفظة ليست عند ابن أبى حاتم، حيث أورده مختصرًا، وفى المستدرك: "مكثى"، وفى سنن البيهقى: "كثير".
(٥) في م: "فأييت". وأرب فلان بالمكان: إذا أقام به فلم يبرحه. التاج (ر ب ب).