للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾. قال: جاءَ رجلٌ - قال أبو جعفرٍ: أَحْسَبُه قال: إلى النبيِّ - فقال: إن امرأتي حُبْلَى، فَأَخْبِرْني ماذا تَلِدُ؟ وبلادُنا مَحْلٌ جَدْبَةٌ، فأخبِرْني متى يَنْزِلُ الغَيْثُ؟ وقد علِمتُ متى وُلِدْتُ، فأخبِرْني متى أموتُ؟ فأنزَل الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ﴾ إلى آخرِ السورةِ، قال: فكان مجاهدٌ يقولُ: هنَّ مفاتح الغيب التي قال اللهُ: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾ (١) [الأنعام: ٥٩].

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ الآية. أشياءُ من الغيبِ، استَأْثَر اللهُ بِهِنَّ، فلم يُطْلِعْ عَليهِنَّ مَلَكًا مُقَرَّبًا، ولا نَبِيًّا مُرْسلًا؛ ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾: فلا يَدْرى أحدٌ من الناس متى تَقومُ الساعةُ؟ في أيِّ سنةٍ؟ أو في أيِّ شهرٍ؟ أو ليلٍ؟ أو نهارٍ؟ ﴿وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ﴾: فلا يَعْلَمُ أَحدٌ متى يَنْزِلُ الغيثُ، ليلًا أو نهارًا يَنْزِلُ؟ ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾: فلا يَعْلَمُ أحدٌ ما في الأرحامِ؛ أذكرٌ أو أنثى، أحمرُ أو أسودُ، وما هو؟ ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾: خيرٌ أم شرٌّ، ولا تَدْرِى يا بنَ آدَمَ متى تَموتُ، لعلك الميت غدًا، لعلك المصاب غدًا، ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾: ليس أحدٌ من الناسِ يَدْرى أين مَضْجَعُه من الأرضِ؛ في بحرٍ أو برٍّ أو سهلٍ أو جبلٍ، تعالى وتبارَكَ (٢).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ عن مغيرةَ، عن الشعبيِّ، قال: قالت عائشةُ: مَن قال إن أحدًا يَعْلَمُ الغَيْبَ إِلا اللَّهَ فقد كذَب، وأعظَم الفِرْيَةَ على اللَّهِ،


(١) تفسير مجاهد ص ٥٤٣، وذكره ابن كثير في تفسيره ٦/ ٣٥٧، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٦٩ إلى الفريابي وابن أبي حاتم.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٦/ ٣٥٧، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٦٩ إلى المصنف وابن أبي حاتم.