للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدَّثنى يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾. قال: قد علِمت يهودُ أن في كتابِ اللهِ في التوراةِ، أن من اشتَرى السحرَ، وترَك دينَ اللهِ، ما له في الآخرةِ من خلاقٍ، [ومن لم يكنْ له خَلاقٌ] (١)، فالنارُ مثْواه ومأْواه (٢).

وأما قولُه: ﴿لَمَنِ اشْتَرَاهُ﴾. فإن "مَن" في موضعِ رفعٍ، وليس قولُه: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا﴾. بعاملٍ فيها؛ لأن قولَه: ﴿عَلِمُوا﴾. بمعنى اليمينِ، فلذلك كانت "مَن" (٣) في موضعِ رفعٍ؛ لأن الكلامَ بمعنى: واللهِ لَمن اشتَرى السحرَ ما له في الآخرةِ من خلاقٍ. ويكونُ (٤) قولُه: ﴿عَلِمُوا﴾. بمعنى اليمينِ، أُجِيبَ (٥) بلامِ اليمينِ، فقيل: ﴿لَمَنِ اشْتَرَاهُ﴾. كما يقالُ: أقسِمُ لَمَن قام خيرٌ ممن قعَد. وكما يقالُ: قد علمتَ لعمرٌو خيرٌ من أبيك. وأما "مَن" فهو حرفُ جَزاءٍ، وإنما قيل: اشتَراه. ولم يقلْ: يشترِه (٦)؛ لدخولِ لامِ القسمِ على "مَن"، ومِن شأنِ العربِ إذا أحدَثت على حرفِ الجزاءِ لامَ القسمِ، ألا ينطِقوا في الفعلِ معه إلا بـ "فَعَل" دونَ " يفْعَل" إلا قليلًا؛ كراهةَ أن يُحدِثوا على الجزاءِ حادثًا وهو مجزومٌ، كما قال اللهُ جلَّ ثناؤه: ﴿لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ﴾ [الحشر: ١٢]. وقد يجوزُ إظهارُ فعلِه بعدَه على "يفعلُ" مجزومًا، كما قال الشاعرُ (٧):


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٣.
(٢) ينظر التبيان للطوسي ١/ ٣٨١.
(٣) سقط من: م، ت ١، ت ٣.
(٤) في م، ت ٢: "لكون".
(٥) في م: "حققت"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "خففت".
(٦) في م: "يشتروه".
(٧) معانى القرآن للفراء ١/ ٦٦ ونسبه في ٢/ ١٣١ إلى الكميت بن معروف عن الكسائي، وهو في الخزانة ١٠/ ٦٨.