للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من بني وائلٍ - وهم الذين حزَّبوا الأحزابَ على رسولِ اللهِ خرَجوا حتى قدِموا على قريشٍ بمكةَ، فَدَعَوهم إلى حربِ رسولِ اللهِ ، وقالوا: إنا سنكونُ معكم عليه حتى نَسْتَأْصِلَه. فقالت لهم قريشٌ: يا معشرَ يهودَ، إنكم أهلُ الكتابِ الأولِ والعلمِ بما أصبحنا نَخْتَلِفُ فيه نحن ومحمدٌ، أَفدِيننُا خيرُ أم دينُه؟ قالوا: بل دينُكم خيرٌ من دينِه، وأنتم أَوْلى بالحقِّ منه. قال: فهم الذين أنزَل اللهُ فيهم: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا﴾ إلى قولهِ: ﴿وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا﴾ [النساء: ٥١ - ٥٥]. فلما قالوا ذلك لقريش، سرَّهم ما قالوا، ونشِطوا لِما دَعَوْهم له من حربِ رسولِ اللهِ ، فأجمَعوا لذلك، واتَّعَدُوا له. ثم خرَج أولئك النفرُ من يهودَ، حتى جاءوا غَطَفَانَ من قَيْسِ عَيلانَ، فدَعْوهم إلى حربِ رسولِ اللهِ ، وأخبَروهم أنهم سيكونون معهم عليه، وأن قريشًا قد تابَعوهم على ذلك، فأجمعوا فيه، فأجابُوهم. فخرَجت قريشٌ وقائدُها أبو سفيانَ بنُ حربٍ، وخرَجت غَطَفانُ وقائدُها عُيَينةُ بنُ حِصْنِ بن حُذَيفةَ بن بدرٍ في بني فزارةَ، والحارثُ بن عوفِ بن أبى حارثةَ المُرِّيُّ في بنى مُرَّةَ، ومِسْعَرُ (١) بنُ رُخَيْلَةَ بن نُوَيرَةَ بن طريفِ بن سُحْمةَ بن عبدِ اللهِ بن هلالِ بن خلاوةً بن أشجعَ بن رَيْثِ بن غَطَفَانَ فيمن تابعَه من قومِه من أشجعَ. فلما سمِع بهم رسولُ اللهِ وبما أجمَعوا له من الأمرِ، ضرَب الخندقَ على المدينةِ، فلما فرَغ رسولُ اللهِ من الخندقِ، أقبَلت قريشٌ حتى نزَلت بمجتمَعِ الأسيالِ من رُومَةَ، بينَ الجُرْفِ والغابةِ (٢) في عشَرةِ آلافٍ من أحابيشِهم (٣)،


(١) في تاريخ المصنف، والاستيعاب ٣/ ١٣٩٢، وأسد الغابة ٥/ ١٦١، والإصابة ٦/ ٩٨: "مسعود".
(٢) كذا في النسخ، وتاريخ المصنف، وورد في سيرة ابن هشام ٢/ ٢١٩، ومعجم ما استعجم ٢/ ٦٩٨، ومعجم البلدان ٢/ ٩٣١، وتاج العروس (ز غ ب): "زغابة"، على اختلاف في فتح الزاي وضمها، وهل هي بالعين المهملة أم بالغين المعجمة. وينظر شرح غريب السيرة للخشنى ٣/ ٥.
(٣) الأحابيش: هم بنو المصطلق وبنو الهون بن خزيمة، اجتمعوا عند جبل بأسفل مكة يُسمى: حُبشى، وتحالفوا مع قريش، فسمّوا: أحابيش قريش. اللسان (ح ب ش).