للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُناسٌ مَن المنافقين: قد كان محمدٌ يَعِدُنا فتْحَ فارسَ والرومِ، وقد حُصِرْنا ههنا، حتى ما يَسْتَطِيعَ أحدُنا أن يَبْرُزَ لحاجتِه، ما وعَدَنا اللهُ ورسولُه إلا غُرورًا (١).

حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، قال: قال رجلٌ يومَ الأحزابِ لرجلٍ من صَحابةِ النبيِّ : يا فلانُ (٢)، أرأَيْتَ إذ يقولُ رسولُ اللهِ : "إذا هلَك قَيْصَرُ فلا قَيْصَرَ بعدَه، وإذا هلَك كِسْرَى فلا كِسْرَى بعدَه، والذي نفسي بيدِه لَتُنْفَقَنَّ كنوزُهما في سبيلِ اللهِ". فأينَ هذا مِن هذا، وأحدُنا لا يَسْتَطيعُ أن يَخْرُجَ يَبُولُ (٣) مِن الخوفِ؟! ﴿مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾. فقال له: كَذَبْتَ، لأُخبرَنَّ رسولَ اللهِ خبرك. قال: فأتَى رسولَ اللهِ فأخبرَه، فدعاه فقال: "ما قلتَ؟ " فقال: كذَب عليَّ يا رسولَ اللَّهِ، ما قلتُ شيئًا، ما خرَج هذا مِن فِي (٤) قطُّ. قال اللهُ: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ﴾ حتى بلَغ: ﴿وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ [التوبة: ٧٤]. قال: فهذا قولُ اللهِ: ﴿إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً﴾ [التوبة: ٦٦].

حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ خالدِ بن عَثْمةَ، قال: ثنا كثيرُ بنُ عبدِ اللهِ بن عمرِو بن عوفٍ المُزَنيُّ، قال: ثنى أبي، عن أبيه، قال: خطَّ رسولُ اللهِ الخندقَ عامَ ذُكِرَت الأحزابُ، مِن أُجُمِ الشَّيْخَيْن (٥)، طرفَ بني حارثةَ، حتى بلَغ


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١١٠٣ عن معمر عن قتادة بنحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٨٧ إلى ابن أبي حاتم.
(٢) بعده في ص، ت ١، ت ٢: "قال هذا فلان قال".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢: "يقول".
(٤) في م: "فمي".
(٥) في م: "أحمر الشيخين"، والأجم واحد آجام المدينة، وهو بمعنى الأُطُم، وآجامُ المدينة وآطامُها: حصونها وقصورها، والشيخان: موضع بالمدينة. معجم البلدان ١/ ١٣٥، ١٣٦، ٣/ ٣٤٨.