للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٣)

يعنى جلَّ ثناؤه بقولِه: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا﴾: لو أن الذين يتعَلَّمون من الملَكَين ما يُفَرِّقون به بينَ المرءِ وزَوْجِه ﴿آمَنُوا﴾ فصدَّقوا اللهَ ورسولَه، وما جاءهم به من عندِ ربِّهم ﴿وَاتَّقَوْا﴾ ربَّهم فخافُوه، وخافوا عقابَه، فأطاعوه بأداءِ فرائِضه، وتجنُّبِ (١) معاصِيه - لكان جزاءُ اللهِ إياهم، وثوابُه لهم على إيمانِهم به وتقواهم إياه، خيرًا لهم من السحرِ وما اكْتَسَبوا به، ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ أن ثوابَ اللهِ إيَّاهم على ذلك خيرٌ لهم من السحرِ ومما اكْتَسَبوا به. وإنما نفَى بقولِه: ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾. العلمَ عنهم أن يكونوا عالِمين بمَبْلَغِ ثوابِ اللهِ وقَدْرِ جزائِه على طاعتِه.

والمَثُوبَةُ في كلامِ العربِ مصدرٌ مِن قولِ القائلِ: أثَبْتُك إثابةً وثَوابًا ومَثوبةً. وأصلُ ذلك مِن: ثاب إليك الشئُ. بمعنى: رجَع. ثم يقال: أثَبتُه إليك. أى: أرجَعْتُه (٢) إليك وردَدْتُه. فكأنَّ (٣) معنى إثابةِ الرجلِ الرجلَ على الهَدِيَّةِ وغيرِها، إرجاعُه إليه (٤) منها بَدَلًا، ورَدُّه عليه منها عِوَضًا. ثم جُعِل كلُّ مُعَوِّضٍ غيرَه من عملِه أو هديَّتِه أو يدٍ له سلَفت منه إليه مُثِيبًا له. ومنه ثوابُ اللهِ ﷿ عبادَه على أعمالِهم، بمعنى إعطائِه إياهم العِوَضَ والجزاءَ عليه، حتى يَرْجِعَ إليهم بَدَلٌ مِن عملِهم الذى عمِلوه له.

وقد زعَم بعضُ نحويِّى أهلِ (٥) البصرةِ أن قولَه: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ


(١) في م، ت ١، ت ٣: " تجنبوا".
(٢) في م، ت ٣: "رجعته".
(٣) في م: "فكان".
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "إليها".
(٥) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.