للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ﴾. مما اكْتُفى بدَلالةِ الكلامِ على معناه عن ذكرِ جوابِه، وأن معناه: ولو أنهم آمَنوا واتَّقَوْا لأُثِيبوا. ولكنه اسْتُغْنى بدَلالةِ الخبرِ على المثوبةِ عن قولِه: لأُثِيبوا.

وكان بعضُ نحويِّي الكوفةِ (١) ينكِرُ ذلك، ويرَى أن جوابَ قولِه: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا﴾ - ﴿لَمَثُوبَةٌ﴾ وأن "لو" إنما أُجِيبت بالمثوبةِ، وإن كانت أجْوِبتُها (٢) بالماضى مِن الفعلِ، لتقارُبِ معناها مِن معنى "لئن" في أنهما جزاءان، وأنهما جوابان للإيمانِ، فأُدْخِل جوابُ كلِّ واحدةٍ منهما على صاحبتِها، فأجِيبت "لو" بجوابِ "لئن" و "لئن" بجواب "لو"، لذلك، وإن اخْتَلَفت أجوبتُهما، وكانت "لو" مِن حكمِها وحظِّها أنْ تُجابَ بالماضى مِن الفعلِ، وكانت "لئن" مِن حكمِها وحظِّها أن تجابَ بالمستقبلِ مِن الفعلِ، لِما وصَفْنا من تقارُبهما. فكان يتَأوّلُ معنى قولِه: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا﴾: ولئن آمَنوا واتَّقَوا لمثوبةٌ مِن عندِ اللهِ خيرٌ.

وبما قلنا في تأويلِ قولِه: ﴿لَمَثُوبَةٌ﴾. قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا مَعْمَرٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ يقولُ: ثوابٌ مِن عندِ اللهِ (٣).

وحدَّثنى موسى (٤)، قال: حدثنا عمرٌو، قال: حدثنا أسباطُ، عن السُّدِّىِّ: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾: أما المثوبةُ فهو الثوابُ (٥).


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أهل البصرة".
(٢) في م: "أخبر عنها".
(٣) تفسير عبد الرزاق ١/ ٥٤.
(٤) في م: "يونس".
(٥) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٩٦ عقب الأثر (١٠٣٣) عن أبى زرعة، عن عمرو بن حماد به.