للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ﴾. يقولُ: وأحْلَلْنا له امرأةً مؤمنةً إن وَهَبَت نفسها للنبيِّ بغير صَداقٍ.

كما حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ﴾ بغيرِ صداقٍ، فلم يَكُنْ يُفْعَلُ ذلك وأَحِلَّ له خاصةً مِن دونِ المؤمنين (١).

وذُكر أن ذلك في قراءةِ عبدِ اللَّهِ: (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً وَهَبَتْ نَفْسَها للنَّبِيِّ) (٢). بغيرِ "إن"، ومعنى ذلك ومعنى قراءتنا وفيها "إن" واحدٌ، وذلك كقول القائلِ في الكلامِ: لا بأسَ أن يَطَأَ جاريةً مملوكةً إن ملكها، وجاريةً مملوكةً ملكها.

وقولُه: ﴿إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا﴾. يقولُ: إن أراد أن ينكحَها، فحلالٌ له أن ينكحَها إذا وهبَت نفسَها له بغيرِ مهرٍ، ﴿خَالِصَةً لَكَ﴾، يقولُ: لا يَحِلُّ لأحدٍ مِن أُمَّتِك أن يقربَ امرأةً وهبَت نفسَها له، وإنما ذلك لك يا محمدُ خالصةً أُخلِصَت لك مِن دونِ سائرِ أُمتِك.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾. يقولُ: ليس لامرأةٍ أن تَهَبَ نفسَها لرجلٍ بغيرِ أُمرِ وليٍّ ولا مهرٍ، إلا للنبيِّ، كانت له خالصةً (٣) مِن دونِ الناسِ، ويزعُمون أنها نزلَت في ميمونةَ بنتِ الحارثِ، أنها التي وهبَت نفسها للنبيِّ (٤).


(١) تفسير مجاهد ص ٥٥٠. ومن طريقه ابن أبي شيبة ٤/ ٣١٦، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٠٨ إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
(٢) القراءة شاذة لمخالفتها رسم المصحف.
(٣) في ص: "خاصة".
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٠٩ إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم، وأخرج آخره عبد الرزاق في المصنف (١٢٢٦٧) عن معمر عن قتادة.