للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سليمانَ، فمات فلبث سنةً على عصاه، وهم لا يَشْعُرون بموته، وهم مُسَخَّرون تلك السنةَ يَعْمَلُون دائبِين، ﴿فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ﴾، [وفى بعض القراءة (فلما خرَّ تَبَيَّنتِ الإنسُ أَنَّ الجنَّ] (١) لَوْ كَانُوا يعلمون الغيبَ ما لبثوا في العذاب المهين)، ولقد لبثوا يَدْأَبون ويَعْمَلون له حولًا (٢) حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ﴾. قال: قال سليمانُ لملَكِ الموتِ: يا ملكَ الموتِ، إذا أُمِرتَ بي فَأَعْلِمْنى. قال: فأتاه فقال: يا سليمانُ، قد أُمِرْتُ بك، قد بقِيَت لك سُوَيعَةٌ. فدعا الشياطين، فبنَوا عليه صَرْحًا من قواريرَ، ليس له بابٌ، فقام يُصَلِّي، واتَّكَأ على عَصاه، قال: فدخَل عليه مَلَكُ الموتِ، فقبض رُوحَه وهو مُتَّكِيُّ على عَصاه، ولم يَصْنَعْ ذلك فرارًا مِن مَلكِ الموتِ. قال: والجنُّ تَعْمَلُ بين يديه، ويَنْظُرون إليه، يحسَبون أنه حيٌّ. قال: فبعَث اللهُ دابةَ الأرضِ - قال: دابةٌ تَأْكُلُ العِيدانَ يقالُ لها: القادِحُ - فدخَلت فيها فأكَلتها، حتى إذا أكَلت جوفَ العصا ضعُفت وثقُل عليها، فخرَّ مَيِّتًا. قال: فلما رأَت الجنُّ ذلك، انفَضُّوا وذهَبوا. قال: فذلك قولُه: ﴿مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ﴾. قال: والمِنْسَأَةُ: العصا (٣).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن عطاءٍ، قال: كان سليمانُ بنُ داودَ يُصَلِّي فمات وهو قائمٌ يُصَلِّي، والجنُّ يَعْمَلون، لا يَعْلَمون بموته، حتى أكَلت الأَرَضَةُ عصاه فخَرَّ.


(١) سقط من: م، ت ١.
(٢) القراءة شاذة لمخالفتها رسم المصحف. والأثر عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٣٠ إلى عبد بن حميد.
(٣) ذكره ابن كثير في تفسيره، ٢/ ٣٥٥، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٣٠ إلى ابن أبي حاتم.