للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾. قال: فإنهم بطِروا عيشَهم، وقالوا: لو كان جَنَى جناتِنا أبعدَ مما هي، كان أجدرَ أن نشتهيَه. فمُزِّقوا بينَ الشامِ وسبإِ، وبُدِّلوا بجنتَيْهم جنتين ذواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وأثْلٍ وشيءٍ من سدرٍ قليلٍ.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا﴾: بطِر القومُ نعمةَ اللهِ، وغَمِطوا (١) كرامةَ اللهِ، قال اللهُ: ﴿وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ﴾ (٢).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا﴾ حتى نَبِيتَ في الفَلواتِ والصحارَى: ﴿وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾.

وقولُه: ﴿وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾: وكان ظلمُهم إيَّاها عَمَلَهم بما يُسْخِطُ الله عليهم مِن معاصيه؛ مما يُوجِبُ [لها عذابَ] (٣) اللهِ، ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ﴾. يقولُ: صيَّرناهم أحاديثَ للناسِ، يَضْرِبون بهم المثلَ في التَّشْتِيتِ (٤)، فيُقالُ: تَمزَّق (٥) القومُ أَيادِيَ سَبَا، وأيْديَ سَبَا. إذا تفرَّقوا وتقطَّعوا (٦).

وقولُه: ﴿وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾. يقولُ: قطَّعناهم في البلادِ كلَّ تَقَطُّعٍ.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَظَلَمُوا


(١) الغَمْط: البطر والتحقير. تاج العروس (غ م ط).
(٢) تتمة الأثر المتقدم تخريجه في ص ٢٦٢.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لهم عقاب".
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "السب".
(٥) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "تفرق".
(٦) ينظر مجمع الأمثال للميداني ٢/ ٤.