للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾. قال قتادةُ: قال عامرٌ الشَّعْبيُّ: أما غسَّانُ فقد لحِقوا بالشامِ، وأما الأنصارُ فلِحقوا بيَثْرِبَ، وأما خزاعةُ فلحِقوا بتِهامةَ، وأما الأزدُ فلحِقوا بعُمانَ (١).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: يَزْعُمون أن عمرَو (٢) ابنَ عامرٍ، وهو عمُّ القومِ، كان كاهنًا، فرأَى في كَهانتِه أن قومَه سيُمَزَّقون [ويُباعدُ بينَ أسفارِهم] (٣)، فقال لهم: إنى قد علِمتُ أنكم سَتُمَزَّقون، فمَن كان منكم ذا همٍّ بعيدٍ، وجملٍ شديدٍ، ومَزادٍ جديدٍ، فليَلْحَقْ بكأسٍ أو كرود. قال: فكانت وادعةُ بنُ عمرٍو. ومَن كان منكم ذا همٍّ مُدْنٍ، [وأَمْرٍ ذُعْرٍ] (٤)، فَليَلْحَقْ بأرضِ شنٍّ (٥)، فكانت عوفُ بنُ عمرٍو، وهم الذين يُقالُ لهم: بارقٌ. ومَن كان منكم يُريدُ عيشًا آينًا (٦)، وحَرَمًا آمنًا، فليَلْحَقْ بالأَرْزِينِ (٧)، فكانت خزاعةُ، ومَن كان يُريدُ الراسياتِ في الوَحْلِ، المُطْعِماتِ في المَحْلِ (٨)، فَليَلْحَقْ بِيَثْرِبَ ذَاتِ النخلِ، فكانت الأوسُ والخَزرجُ، وهما هذان الحيَّانِ من الأنصارِ، ومن كان منكم يُريدُ خَمْرًا وخميرًا، وذهبًا وحريرًا، ومُلْكًا وتأميرًا، فليَلْحَقْ بِكُوثَى (٩) وبُصرَى،


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٣٠ من طريق معمر عن قتادة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٣٤ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) في النسخ: "عمران". وسيأتي على الصواب. وينظر جمهرة أنساب العرب ص ٣٣١.
(٣) في م: "يتباعدون"، وفى ت ١: "تتباعد"، وفى ت ٢، ت ٣: "تباعد".
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أمرد عن".
(٥) شَنّ: ناحية بالسَّراة وهى الجبال المتصلة بعضها ببعض الحاجزة بين تهامة واليمن. معجم البلدان ٣/ ٣٢٩.
(٦) العيش الآين: الرافه الوادع. القاموس المحيط (أ و ن).
(٧) في ت ٢: "بالاردين"، وفى ت ٣: "بالادرين".
(٨) المحل: الجوع الشديد وإن لم يكن جدب. اللسان (م ح ل).
(٩) كُوثى: ثلاثة مواضع بسواد العراق، وقيل: كوثى العراق كوثيان، كوئى الطريق، والآخر: كوثى رَبَّى. معجم البلدان ٤/ ٣١٧.