للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن رافعٍ، عمَّن ذكرُه، عن محمدِ بن كعبٍ القُرَظِيِّ، عن أبي هريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ : "إن الله لمَّا فَرَغَ مِن خَلْقِ السماواتِ والأرضِ، خلَق الصُّورَ فأعْطاه إسرافيلَ، فهو واضِعُه على فِيهِ، شاخصٌ ببصرِه إلى العرشِ، يَنْتَظِرُ متى يُؤْمَرُ". قال أبو هريرةَ: يا رسولَ اللهِ، وما الصورُ؟ قال: "قَرْنٌ". قال: وكيف هو؟ قال: "قَرْنٌ عظيمٌ يُنْفَخُ فيه ثلاثُ نَفَخَاتٍ؛ الأُولَى نَفْخَةُ الفَزَعِ، والثانيةُ نَفْخَةُ الصَّعْقِ، والثالثةُ نَفْخَةُ القيامِ لربِّ العَالَمين، يأمرُ اللهُ إسرافيلَ بالنَّفْخَةِ الأُولى، فيقولُ: انْفُخْ نَفْخَةَ الفَزَع. فيَفْزَعُ أهلُ السماواتِ وأهلُ الأَرضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللهُ، ويأمُرُه اللهُ فَيُدِيمُها ويُطَوِّلُها، فلا يَفْتُرُ، وهى التي يقولُ اللهُ: ﴿مَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ﴾ [ص: ١٥]، ثم يأمرُ اللهُ إسرافيلَ بنَفْخَةِ الصَّعْقِ، فيقولُ: انْفُخْ نَفْخَةَ الصَّعْقِ. فَيَصْعَقُ أهلُ السماواتِ و (١) الأَرضِ إِلا مَن شاءَ اللهُ، فإذا هم خامِدُون ثم يُمِيتُ مَن بَقِيَ، فإذا لم يَبْقَ إلا اللهُ الواحدُ الصَّمَدُ، بَدَّل الأرضَ غير الأرضِ والسماواتِ، فيَبْسُطُها ويَسْطَحُها، ويَمُدُّها مَدَّ الأديمِ العُكَاظِيِّ، لا تَرَى فيها عِوَجًا ولا أمْتًا، ثم يَزْجُرُ اللهُ الخَلْقَ زَجْرَةً، فإذا هُمْ في هذه المُبَدَّلَةِ في مِثْلِ مواضعهم من الأُولَى، ما كان في بَطْنِها كان في بَطْنِها، وما كان على ظَهْرِها كان على ظهْرِها" (٢).

واختلفَت القَرَأَةُ في قراءةِ قولِه: ﴿وَهُمْ يَخِصِّمُونَ﴾؛ فقرأ ذلك بعضُ قرأةِ المدينةِ: (وهم يَخْصِّمُون) بسكونِ "الخاءِ" وتشديدِ الصادِ، فجمَع بينَ الساكنَين، بمعنى: يَخْتَصِمون، ثم أدغَم التاءَ في الصادِ، فجعَلها صادًا مشددةً، وتركَ الخاءَ على سكونِها في الأصلِ.


(١) بعده في الأصل، ت ١: "أهل".
(٢) جزء من حديث طويل تقدم تخريجه في ٣/ ٦١١ - ٦١٣.