للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرَأ ذلك بعضُ المكيِّين والبصريِّين: (وهم يَخَصِّمونَ). بفتح الخاءِ وتشديد الصادِ، بمعنى: يَخْتَصِمون، غيرَ أنهم نقلوا حركةَ التاءِ، وهى الفتحةُ التي في "يَفتَعِلون" إلى الخاءِ منها، فحَرَّكوها بتَحْريكِها، وأدغَموا التاءَ في الصادِ وشدَّدوها.

وقرأ ذلك بعضُ قرأةِ الكوفةِ: ﴿يَخِصِّمُونَ﴾ بكسرِ الخاءِ، وتشديدِ الصادِ، فكسَر (١) الخاء بكسرِ الصادِ، وأدغَم التاءَ في الصادِ وشدَّدها.

وقرَأ ذلك آخرون منهم: (يَخْصِمُونَ) بسكونِ الخاءِ وتخفيفِ الصادِ، بمعنى "يَفْعِلون"، مِن الخصومةِ (٢)، وكأن معنى قارئِ ذلك كذلك: كأنهم يتكلَّمون، أو يكونُ معناه عندَه: كان عندَ أنفسِهم يَخْصِمون مَن وعَدَهم مجئَ الساعةِ، وقيامَ القيامةِ، ويَغْلِبونه بالجَدَلِ في ذلك.

والصوابُ مِن القولِ فى ذلك عندى أن هذه قراءاتٌ مشهوراتٌ معروفاتٌ في قرأةِ الأمصارِ، متقارباتُ المعانى، فبأيَّتهن قرأ القارئُ فمصيبٌ.

وقولُه: ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فلا يستطيعُ هؤلاء المشركون عندَ النفخِ في الصُّورِ أن يُوصُوا في أموالِهم (٣) أحدًا، ﴿وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ﴾. يقولُ: ولا يستطيعُ مَن كان منهم خارجًا عن أهلِه أن يَرجِعَ إليهم، لأنهم لا يُمْهَلون بذلك، ولكن يُعجَّلون بالهلاكِ.


(١) في م، ت ٢: "فكسروا" بضمير الجمع، وكذلك في "أدغم"، و "شددها" الآتيين.
(٢) قرأ قالون وأبو عمرو بإخفاء حركة الخاء، والتشديد، وروى عن أبي عمرو الاختلاس، وقرأ ابن كثير وهشام وورش (يَخَصِّمون) بفتح الخاء وتشديد الصاد. وقرأ ابن ذكوان وعاصم والكسائي: ﴿يخِصِّمون﴾ بكسر الخاء وتشديد الصاد. وقرأ حمزة: (يَخْصِمون) بسكون الخاء وتخفيف الصاد. ينظر حجة القراءات ص ٦٠٠، والكشف ٢/ ٢١٧، ٢١٨.
(٣) في الأصل: "أمرهم"، وفي ت ١: "أمورهم".