للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى الاستفهامِ- لتقدُّمِ ما تقدَّمَها مِن الكلامِ؛ لأنها تكونُ استفهامًا مُبتَدأً إذا تقدَّمَها سابقٌ مِن الكلامِ، ولم يُسْمَعْ مِن العربِ استفهامٌ بها ولمَّا يتقدَّمْها كلامٌ. [ونظيرُه] (١) قولُه جل ثناؤه: ﴿الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾. وقد تكونُ "أم" بمعنى "بل" إذا سبَقها استفهامٌ لا تَصْلُحُ فيه "أىّ"، فيقولون: هل لك قِبَلَنا حقٌّ، أم أنت رجلٌ معروفٌ بالظلمِ؟ [يرادُ به: بل أنت رجلٌ مَعْروفٌ بالظُّلْمِ] (٢). كما قال الشاعر (٣):

فَوَاللهِ ما أَدْرِى أسَلْمَى [تَغَوَّلَتْ … أمِ النَّوْمُ] (٤) أمْ كُلٌّ إلىَّ حَبِيبُ

يَعنى: بل كلٌّ إلىَّ حبيبٌ.

وقد كان بعضُهم يقولُ -مُنْكِرًا قولَ مَن زعَم أن "أم" فى قولِه: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ﴾ استِفهامٌ مُستقبَلٌ مُنقطِعٌ مِن الكلامِ، يَمِيلُ بها إلى أوَّلِه-: إن الأولَ خبرٌ، والثانىَ استفهامٌ، والاستفهامُ لا يكونُ فى الخبرِ، والخبرُ لا يكونُ فى الاستفهامِ، ولكن أدرَكه الشكُّ -بزَعمِه- بعدَ مُضِىِّ الخبرِ، فاسْتَفْهَمَ.

فإذ كان بمعنى (٥) "أم" ما وصَفْنا، فتأويلُ الكلامِ: أتُريدون أيُّها القومُ أن تَسْأَلوا رسولَكم مِن الأشياءِ نظيرَ ما سأَل قومُ موسى موسى (٦) مِن قبلِكم، فتَكْفُروا إن مُنِعْتُموه، بمسألَتِكم (١) ما لا يجوزُ فى حكمةِ اللهِ إعطاؤُكُموه، أو تَهْلِكوا إن كان


(١) فى الأصل: "هو ونظير"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "هو نظير".
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) معانى القرآن للفراء ١/ ٧٢، والصاحبى ص ١٦٨.
(٤) فى النسخ: "تقولت أم القوم"، والتصويب من مصدرى التخريج وما سيأتى فى تفسير الآية ٦٦ من سورة النمل.
وتغولت المرأة: تلونت. اللسان (غ و ل).
(٥) فى م: "معنى".
(٦) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٧) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فى مسألتكم".