يقولُ: فالعبادةُ لا تَصلُحُ إلا لمَن هذه صفتُه، فلا تَعبُدوا غيرَه، ولا تُشرِكوا معَه فى عبادتِكم إياه من لا يَضُرُّ ولا يَنفَعُ، ولا يَخلُقُ شيئًا ولا يُفْنيه.
واختلَف أهلُ العربيةِ فى وجهِ رفعِ: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ﴾؛ فقال بعضُ نحويِّى البصرةِ: رُفِع على معنى: إن إلهَكم لربٌّ. وقال غيرُه: هو رَدٌّ على ﴿إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ﴾. ثم فسَّر الواحدَ، فقال: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ﴾ فهو ردٌّ على واحدٍ. وهذا القولُ عندى أشبهُ بالصوابِ فى ذلك؛ لأن الخبرَ هو قولُه: ﴿لَوَاحِدٌ﴾، وقولُه: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ﴾ ترجمةٌ عنه، وبيانٌ مردودٌ على إعرابهِ.
وقولُه: ﴿وَرَبُّ الْمَشَارِقِ﴾. يقولُ: ومُدبِّرُ مشارقِ الشمسِ فى الشتاءِ والصيفِ، ومغاربِها، والقيِّمُ على ذلك ومُصلِحُه. وترَك ذكرَ المغاربِ، لدلالةِ الكلامِ عليه، واستَغنَى بذكرِ المشارقِ مِن ذكرِها، إذ كان معلومًا أن معَها المغاربَ.
وبنحوِ الذى قلنا فى ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ﴾: وقَع القسَمُ على هذا؛ إنَّ إلهَكم لواحدٌ، ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ﴾. قال: مشارقِ الشمسِ فى الشتاءِ والصيفِ (١).
حدَّثنى محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن
(١) عزا السيوطى شطره الأول فى الدر المنثور ٥/ ٢٧١ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبى حاتم. وأخرج عبد الرزاق شطره الثانى فى تفسيره ٢/ ١٤٧ عن معمر عن قتادة، وفيه زيادة فى أوله، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٢٧١ إلى ابن المنذر.