للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السدىِّ قولَه: ﴿وَرَبُّ الْمَشَارِقِ﴾. قال: المشارقُ ستون وثلاثُمائةِ مشرقٍ، والمغارِبُ مثلُها، عددَ أيامِ السنةِ (١).

وقولُه: ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ﴾. اختلَفتِ القرأةُ فى قراءةِ قولِه: ﴿بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ﴾؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ المدينةِ والبصرةِ وبعضُ قرأةِ الكوفةِ: (بزينةِ الكواكبِ) بإضافةِ الزينةِ إلى الكواكبِ، وخفضِ الكواكبِ، بمعنى: إنا زيَّنا السماءَ الدنيا التى تليكم أيها الناسُ، وهى الدنيا إليكم، بتزيينِها الكواكبُ. أى بأنْ زيَّنتها الكواكبُ. وقرَأ ذلك جماعةٌ من قرأةِ الكوفة: ﴿بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ﴾ بتنوينِ الزينةِ، وخفضِ الكواكبِ؛ ردًّا لها على الزينةِ، بمعنى: إنا زينا السماءَ الدنيا بزينةٍ هى الكواكبُ، كأنه قال: زيَّناها بالكواكبِ. ورُوى عن بعضِ قرأةِ الكوفةِ أنه كان يُنوِّنُ الزينةَ، ويَنصِبُ الكواكبَ (٢)، بمعنى: إنا زينا السماءَ الدنيا بتزيينِنا الكواكبَ. ولو كانت القراءةُ فى الكواكبِ جاءت رفعًا، إذا نُوِّنت الزينةُ، لم يكنْ لحنًا، بَلْ (٣) كان صوابًا فى العربيةِ، وكان معناه: إنا زيَّنا السماءَ الدنيا بتزيينِها الكواكبُ. أى بأنْ زيَّنتها الكواكبُ. وذلك أن الزينةَ مصدرٌ، فجائزٌ توجيهُها إلى أىِّ هذه الوجوهِ التى وُصِفت فى العربيةِ.

وأما القراءةُ فأعجبُها إلىَّ بإضافةِ الزينةِ إلى الكواكبِ وخفضِ الكواكبِ؛ لصحةِ معنى ذلك فى التأويلِ والعربيةِ وأنَّها قراءةُ أكثرِ قرأةِ الأمصارِ، وإن كان التنوينُ فى الزينةِ وخفضُ الكواكبِ عندى صحيحًا أيضًا، فأما النصبُ فى


(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٢٧١. إلى المصنف وابن أبي حاتم.
(٢) قرأ عاصم وحمزة بتنوين الزينة، وقرأ الباقون وهم نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر والكسائى بغير تنوين. وقرأ أبو بكر بنصب الكواكب، وقرأ الباقون بخفضها. التيسير ص ١٥٠.
(٣) فى م، ت ١: "و".