للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السدىِّ: ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ﴾. قال: لا تَغْتال عقولهم (١).

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ليس فيها أذًى ولا مكروهٌ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حُدِّثت عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن إسرائيل، عن سالمٍ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ فى قوله: ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ﴾. قال: أذًى ولا مكروهٌ (٢).

حدَّثنا محمد بن سنانٍ القزازُ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ بَزيعٍ (٣). قال: أخبرنا إسرائيل، عن سالمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ﴾. قال: ليس فيها أذًى ولا مكروهٌ.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ليس فيها إثمٌ.

قال الإمام أبو جعفرٍ رحِمهُ اللهُ تعالى: ولكلِّ هذه الأقوال التي ذكرناها وجهٌ، وذلك أن الغُول فى كلام العرب: هو ما غال الإنسان فذهب به، فكلُّ مَن ناله أمرٌ يَكْرَهُه ضربوا له بذلك المثل، فقالوا: غالت فلانًا غُولٌ. فالذاهب العقل مِن شُرب الشراب، والمشتكى البطنِ منه، والمصدَّعُ الرأس من ذلك، والذي ناله منه مكروهٌ، كلُّهم قد غالته غُولٌ.

فإذ كان ذلك كذلك، وكان الله تعالى ذكره قد نفى عن شراب الجنة أن يكون فيه غَوْلٌ، فالذى هو أولى بصفته أن يُقال فيه؛ كما قال جل ثناؤُه: ﴿لَا فِيهَا


(١) ذكره القرطبي في تفسيره ١٥/ ٧٩، وابن كثير في تفسيره ٧/ ١١.
(٢) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٢٧٤ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.
(٣) في م: "بزيعة". ينظر الكامل لابن عدى ٤/ ١٥٦٦.