للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَوْلٌ﴾. فيعمُّ بنفي كلِّ معانى الغَوْلِ عنه، وأعمُّ ذلك أن يُقال: لا أذًى فيها ولا مكروهٌ على شاربيها؛ في جسمٍ، ولا عقلٍ، ولا غير ذلك.

واختلفت القرأَةُ فى قراءة قوله: ﴿وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ﴾؛ فقرأته عامة قرأة المدينة والبصرة وبعضُ قرأة الكوفة: ﴿يُنْزَفُونَ﴾. بفتح الزاي (١)، بمعنى: ولا هم عن شُرْبِها تُنْزَفُ عقولهم.

وقرأ ذلك عامةُ قرأة الكوفة: (ولا هُمْ عَنْها يُنْزِفُونَ). بكسرِ الزاي (٢)، بمعنى: ولا هم عن شربها يَنْفَدُ شرابهم.

والصوابُ من القول فى ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى غيرُ مختلِفتيه، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، وذلك أن أهل الجنةِ لا يَنْفَدُ شرابهم، ولا يُسْكرهم شُربُهم إياه فيُذْهِبَ عقولهم.

واختلف أهل التأويل فى معنى ذلك؛ فقال بعضُهم: معناه: لا تَذْهَبُ عقولُهم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ﴾. يقولُ: لا تَذهَبُ عقولهم (٣).

حدَّثني محمد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن


(١) وهى قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر وعاصم، ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٥٤٧.
(٢) وهى قراءة حمزة والكسائي. المصدر السابق.
(٣) أخرجه البيهقي في البعث (٣٥٧) من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٧٤ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.