للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان بعضُ أهل العربيةِ (١) يَتَأَوَّلُ ذلك بمعنى: فراغ عليهم ضربًا بالقوةِ والقدرةِ، ويقولُ: اليمينُ فى هذا الموضعِ القوةُ. وبعضُهم كان يَتَأَوَّلُ اليمينَ في هذا الموضعِ الحَلِفَ، ويقولُ: جعَل يَضْرِبُهن باليمينِ التي حلَف بها بقولِه: ﴿وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ﴾ [الأنبياء: ٥٧].

وذُكِر أن ذلك فى قراءةِ عبدِ اللَّهِ: (فراغ عليهم صَفْقًا باليمينِ) (٢). ورُوِى نحوُ ذلك عن الحسنِ (٣).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا يحيى بنُ واضحٍ، قال: ثنا [خالد بنُ عبيدٍ العَتَكيُّ] (٤)، قال: سمِعْتُ الحسن قرَأ: (فراغ عليهم صفقًا باليمينِ). أى: ضربًا باليمينِ.

وقولُه: ﴿فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ﴾. اخْتَلَفت القرأةُ في قراءة ذلك؛ فقرَأَتْه عامةُ قرأةِ المدينةِ والبصرةِ، وبعضُ قرأةِ الكوفة: ﴿فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ﴾ بفتح الياءِ وتشديدِ الفاءِ (٥)، من قولِهم: زَفَّت النَّعَامةُ، وذلك أولُ عَدْوِها، وآخرُ مشيها، ومنه قولُ الفَرزدقِ (٦):

وجاء قَرِيعُ الشَّوْلِ قبلَ إفالِها … يَزِفُّ وجاءَت خلفَه وَهُيَ زُفَّفُ


(١) نسب القرطبي هذا القول للفراء وثعلب. تفسير القرطبي ١٥/ ٩٤.
(٢) وهى قراءة شاذة، ينظر معانى القرآن للفراء ٢/ ٣٨٨.
(٣) ينظر المحتسب ٢/ ٢٢١.
(٤) فى م: "خالد بن عبد الله الجشمى"، وفى ت ١: "خالد بن عبد الله الجشيمي"، وفي ت ٢:
"خلف بن عبد الله الجشمى". ينظر تهذيب الكمال ٨/ ١٢٥.
(٥) هي قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر وأبي عمرو وعاصم والكسائي. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٥٤٨.
(٦) ديوانه ص ٥٥٩.