للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرَأ ذلك جماعةٌ مِن أهلِ الكوفة: (يُزِفُّونَ) بضمِّ الياء، وتشديدِ الفاءِ (١)، مِن أَزَفَّ فهو يُزِفُّ. وكان الفرَّاءُ يَزْعُمُ أَنه لم يَسمَعْ في ذلك إلا زفَفْتُ، ويقولُ: لعل قراءةَ مَن قرَأه: (يُزفُّونَ) بضمِّ الياءِ من قولِ العرب: أطْرَدْتُ الرجل، أي: صيَّرته طَريدًا، وطرَدْتُه. إذا أنت خسَأتَه، إذا قلتَ: اذْهَبْ عنا. فيكونُ (يُزِفُّون) أى: جاءوا على هذه الهيئةِ بمنزلةِ المزفوفةِ على هذه الحالةِ، فَتُدْخِلُ الألفَ، كما تقولُ: أَحْمَدْتُ الرجلَ. إذا أظْهَرْتَ حمدَه، و: هو محمدٌ. إذا رأيْتَ أمرَه إلى الحمدِ، ولم تَنْشُرْ حمدَه. قال: وأَنْشَدَنيَ المُفَضَّلُ (٢):

تمَنَّى حُصَيْنٌ أن يَسُودَ جذاعَه … فأمْسَى حُصَينٌ قد أذَلُّ وأَقْهَرَا

فقال: أَقْهَرَ. وإنما هو قُهِر، ولكنه أراد: صار إلى حالِ قهرٍ. وقرَأ ذلك بعضُهم: (يَزِفُونَ) بفتحِ الياء، وتخفيف الفاءِ (٣)، مِن وَزَف يَزِفُ. وذُكِر عن الكِسائيِّ أنه لا يَعْرِفُها. وقال الفرَّاءُ: لا أَعْرِفُها إلا أن تكونَ لغةٌ لم أَسْمَعُها (٤).

وذُكر عن مجاهدٍ أنه كان يقولُ: الوَزْفُ النَّسَلانُ.

حدَّثني محمدُ بنُ عمرو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسي، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿إِلَيْهِ يَزِفُّونَ﴾. قال: الوزيفُ النَّسَلانُ (٥)


(١) هي قراءة حمزة والمفضل عن عاصم. المصدر السابق.
(٢) البيت للمخبل السعدى. ينظر معانى القرآن للفراء ٢/ ٣٨٩، واللسان (ق هـ ر).
(٣) هي قراءة مجاهد وعبد الله بن يزيد والضحاك ويحيى بن عبد الرحمن المقرئ وابن أبي عبلة، وهي قراءة شاذة. البحر المحيط ٧/ ٣٦٦.
(٤) ينظر معانى القرآن للفراء ٢/ ٣٨٩.
(٥) تفسير مجاهد ص ٥٦٩، وأخرجه عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح -كما في تعليق التعليق =