للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالت سارَةُ: غدا لبعضِ حاجتِه. قال الشيطانُ: لا واللهِ ما لذلك غدا به. قالت سارَةُ: فلِمَ غَدا به؟ قال: غدا به ليذْبَحَه. قالت سارَةُ: ليس مِن ذلك شيءٌ، لم يَكنْ لِيَذْبَحَ ابنَه. قال الشيطانُ: بلى واللهِ. قالت سارَةُ: فلِمَ يَذْبَحُه؟ قال: زَعَم أنَّ ربَّه أمَرَه بذلك. قالت سارةُ: فهذا أحسنُ بأن يُطِيعَ ربَّه إن كان أمَرَه بذلك. فخرج الشيطانُ من عِندِ سَارَةَ حتى أدْرَكَ إسحاقَ وهو يَمْشِى على إثْرِ أبيه فقال له: أين أصبحَ أبوك غاديًا بك؟ قال: غدا بي لبعض حاجتِه. قال الشيطانُ: لا واللهِ ما غدا بك لبعضِ حاجتِه، ولكنه غدا بك ليَذْبَحَك. قال إسحاقُ: ما كان أبى ليَذْبَحَنى. قال: بلى. قال: لِمَ؟ قال: زعم أن ربَّه أمَرَه بذلك. قال إسحاقُ: فوالله لئن أمَرَه بذلك ليُطِيعَنَّه. قال: فترَكه الشيطانُ، وأسْرَع إلى إبراهيم، فقال: أين أصْبَحْتَ غاديًا بابنِك؟ قال: غدَوْتُ به لبعضِ حاجتى. قال: أمَا واللهِ ما غدَوْتَ به إلا لتَذْبَحَه، قال: لِمَ أَذْبَحُه؟ قال: زعَمْتَ أن ربَّكَ أَمَرَك بذلك. قال (١): فوالله لئن كان أمَرَنى بذلك ربي لأَفْعَلَنَّ. قال: فلمَّا أَخَذ إبراهيمُ إسحاقَ ليَذْبَحَه، وسلَّم إسحاقُ، أعْفاه اللهُ، وفداه بذِبْحٍ عظيمٍ. قال إبراهيمُ لإسحاقَ: قُمْ، أى بُنىَّ، فإن اللهَ قد أعْفاك. وأوْحَى اللهُ إلى إسحاقَ: إني قد أعْطَيْتُك دعوةً أَسْتَجِيبُ لك فيها. قال إسحاقُ: اللهم إنى أدْعُوك أن تستجيبَ لي، أيُّما عبدٍ لقيك من الأوَّلين والآخِرِين لا يُشْرِكُ بك شيئًا، فأَدْخِلْه الجنةَ (٢).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال: ثنى ابنُ إسحاقَ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ أبي بكرٍ، عن محمدِ بنِ مسلمٍ الزهرىِّ، عن أبي سفيانَ بنِ العَلاء بنِ جاريةَ (٣) الثقفيِّ،


(١) بعده في م: "الله".
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٢٦٥، ٢٦٦ عن يونس به، والحاكم، ٢/ ٥٥٧، ٥٥٨، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٦/ ٢٠٣، ٢٠٤ من طريق ابن وهب به، وأخرجه عبد الرزاق فى تفسيره ٢/ ١٥٠، ١٥١، ومن طريقه البيهقي في الشعب (٧٣٢٨) وابن عساكر في تاريخه ٦/ ٢٠٢ عن معمر عن الزهري عن القاسم قال: اجتمع أبو هريرة وكعب … فذكره، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٢٨٢ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) في النسخ: "حارثة".