للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا﴾. ولو كان المفدىُّ هو إسحاقَ لم [يُبَشِّرْ به] (١) بعدُ، وقد وُلِد، وبلَغ معه السعىَ، فإن البشارةَ (٢) بنبوةِ (٣) إسحاقَ مِن اللهِ فيما جاءت به الأخبارُ، جاءت إبراهيمَ وإسحاقَ بعدَ أن فُدِى؛ تَكْرِمةٌ مِن اللهِ له على صبرِه لأمرِ ربِّه، فيما امْتَحَنَه به مِن الذبحِ، وقد تقَدَّمت الروايةُ قبلُ عمن قال ذلك.

وأما اعتلالُ مَن اعْتَلَّ بأنَّ قرْنَ الكبشِ كان مُعَلَّقًا في الكعبةِ، فغيرُ مستحيلٍ أن يكونَ حُمِل مِن الشامِ إلى مكةَ. وقد رُوى عن جماعةٍ مِن أهلِ العلمِ، أن إبراهيمَ إنما أُمِر بذبحِ ابنِه إسحاقَ بالشامِ، وبها أراد ذبحَه (٤).

واختَلَف أهلُ العلمِ فى الذِّبْحِ الذى فُدِى به إسحاقُ؛ فقال بعضُهم: كان كبشًا.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا ابنُ يَمانٍ، عن سفيانَ، عن جابرٍ، عن أبي الطُّفيلِ، عن علىٍّ: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾. قال: كبشٍ أبيضَ أقرنَ أعْينَ،


(١) فى ص، ت ١: "يبشره".
(٢) سقط من: ص، ت ١.
(٣) في ت ١: "نبوة".
(٤) قال ابن كثير ردًّا على ما قاله ابن جرير من كون المفدى بالذبح إسحاق: ليس ما ذهب إليه بمذهب ولا لازم، بل هو بعيد جدًّا، والذي استدل به محمد بن كعب القرظى على أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى. وقال ابن قيم الجوزية: وإسماعيل هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وأما القول بأنه إسحاق فباطل بأكثر من عشرين وجهًا، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: هذا القول إنما هو متلقى عن أهل الكتاب، مع أنه باطل بنص كتابهم، فإن فيه: إن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه بكره، وفي لفظ: وحيده، ولا يشك أهل الكتاب مع المسلمين أن إسماعيل هو بكر أولاده، والذي غر أصحاب هذا القول أن فى التوراة التى بأيديهم: اذبح ابنك إسحاق، قال: وهذه الزيادة من تحريفهم وكذبهم. ينظر تفسير ابن كثير، ٧/ ٣٠، وزاد المعاد ١/ ٧١ وما بعدها.